«شهدت القارة الأفريقية منذ منتصف الثمانينات وبصفة خاصة خلال فترة ما بعد الحرب الباردة عددا من الاتجاهات الإيجابية، والتي يأتى في مقدمتها عمليات التحول نحو الديمقراطية التعددية» وكانت غانا إحدى الدول التي تحولت إلى نظام التعددية الحزبية في تسعينات القرن الماضي والتي عانت من الاستبداد وسيطرة العسكريين على نظام الحكم لعقود طويلة وكان آخر انقلاب عام 1981 وقد قام به القائد العسكري رولينجرز الذي كان متأثرا بالأسلوب الإثيوبي القائم على أن تأخذ القوات المسلحة زمام المبادرة في تطهير البلاد من الفساد. وعندما تم السماح بالتعدد الحزبي في غانا تكونت العديد من الأحزاب المدنية والتي شاركت في الحياة السياسية بشكل كبيرة إلى أن تمكن أحد تلك الاحزاب من الوصول الي الحكم.
ان غانا تعتبر من الدول الأفريقية القليلة التي استطاعت ان توطد للديمقراطية وان تتمكن من تحقيق انتقال السلطة بالطرق السلمية في مناخ ديمقراطي ووجود احزاب معارضة تعمل جنبا الي جنب مع الحزب الحاكم مهما كانت الخلافات وفي هذا البحث سنتناول طبيعة النظام الحزبي في غانا ومدي تأثيره في الحياة السياسية في البلاد وطبيعة انتخابات 2000 التي كان فيها وصول أول رئيس مدني الي البلاد وكذلك دور الاحزاب وموقفهم من تلك الانتخابات ومن وصول حزب المعارضة الي الحكم.[1]
[2]
دور الاحزاب قبل انتخابات 2000
شهدت غانا العديد من الانقلابات العسكرية التي منعت تكوين الاحزاب بحجة وجود معوقات اقتصادية في البلاد. وكان رولينجرز قائد آخر الانقلابات في غانا تعرض لضغوط كثيرة سواء خارجية أو داخلية للسماح بالتعددية الحزبية.
و بالفعل في 10 مايو 1991 تم التصديق علي قانون يقضي بالتحول لنمط التعددية الحزبية ووافق مجلس الدفاع الوطني (قائده رولينجرز) علي مقترحات تقدمت بها اللجنة الوطنية للتحول الديمقراطي بهدف صياغة مشروع جديد للدستور ينص علي انتخاب رئيس جمهورية بصلاحيات تنفيذية لمدة اربع سنوات تجدد مرة واحدة وإنشاء جمعية وطنية وادخال منصب نائب الرئيس [3]
وكان دستور 1992 هو نقطة التحول في تاريخ غانا نحو التحول للديمقراطية فعلي اثره تكونت احزاب كثيرة. واتسم النظام الحزبي في غانا بنوع من الاستقطاب الثنائي بين قوتين سياسيتين رئيسيتين ولكنهما لا تتسمان بالثبات والاستمرارية بالضرورة وانما تتغيران حسب طبيعة النظام السياسي في البلاد ففي الفترات السابقة كانتا النكروميون واتباع بوسيا. اما في التسعينيات والسماح بالتعدد الحزبي داخل البلاد ظهر حزب المؤتمر الوطني الحاكم (بقيادة رولينجرز) اما القطب الثاني فكان يتمثل في الحزب الوطني الجديد (بقيادة جون كافور).[4]
)حزب المؤتمر الوطني تأسس بقيادة القائد العسكري رولينجرز ويعتبر امتداد لفكر نكروما ودخل الحزب في تحالف مع حزب الشعب الديمقراطي وحزب جميع الغانيين في كل مكان وشكلوا معا ما يعرف ب التحالف التقدمي استعدادا لخوض انتخابات 1992 الا ان احزاب المعارضة قاطعت الانتخابات البرلمانية في ذلك العام ففاز فيها التحالف التقدمي
و لقد انقسمت الاحزاب التي تتبع الفكر النكرومي الي 3 احزاب:
ا)حزب مؤتمر الشعب: وانشئ هذا الحزب في الاصل عام 1994 أثناء الكفاح من اجل الاستقلال علي ايدلوجية كوامي نكروما وتقوم ايدلوجية الحزب علي انه حزب شعبي يضم جميع الفئات الشعبية من المزارعين والصيادين والحرفيين جنبا الي جنب مع الاغنياء والفقراء الي حد سواء
ب)حزب التضامن الشعبي العظيم وانشئ في 18 سبتمبر 1996 وجاءت نشأته كرد فعل علي خسارة حزب الشعب لانتخابات 1992 وركز البرنامج الانتخابي للحزب علي تحرير الاقتصاد من الهيمنة الأجنبية والتركيز علي التنمية الصناعية
ج)حزب مؤتمر الشعبي الوطني وقد تأسس عام 1992 وهو يزعم انه الحزب النكرومي الحقيقي وانه يمثل الامتداد الفكري والسياسي الذي اسسه نكروما
هذا طبعا بالإضافة لحزب مؤتمر الوطني الديمقراطي وهو الذي استمد قوته الأساسية من ارتباطه بالرئيس رولينجرز
الحزب الوطني الجديد تأسس بقيادة جون كافورو يعتبر امتداد لفكر بوسيا-دانكواه وكان بمثابة أكبر احزاب المعارضة في البلاد وقاطع الحزب الانتخابات البرلمانية عام 1992 وحصل علي 61 مقعدا في انتخابات 1996 ونجح في ان يمارس معارضة قوية علي الحكومة في البرلمان
تتسم انتخابات 1992 بأهمية خاصة لانها كانت أول انتخابات تشهدها غانا عقب اقرار الدستور الجديد للبلاد في ذلك العام وعقب بدأ عملية الإصلاح السياسي وقد جري في ذلك العام السماح بإنشاء احزاب سياسية جديدة علي اساس تطبيق مبدأ التعددية الحزبية [5]
شارك في انتخابات عام 1992 ثلاث احزاب رئيسية في الساحة السياسية في غانا الأول هو حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي بزعامة (رولينجرز) بعد أن خلع بدلته العسكرية والثاني الحزب الوطني الجديد بزعامة (ادو بواهن) والثالث حزب مؤتمر الشعب الوطني بزعامة (هيلا ليمان)و كان زعماء هذه الاحزاب بمثابة أبرز المنافسين في الانتخابات الرئاسية
و في الفترة التي سبقت الانتخابات اتخذ رولينجرز اجراءات دعائية لاغراء الناخبين كان اهمها بزيادة الاجور للعاملين في قطاع الخدمة المدنية. واقتراح تشريع يقيد حق مجلس الدفاع الوطني في الاعتقال بدون محاكمة [6]
وانطلقت انتخابات 1992 في ظل التعددية الحزبية التي تعيشها البلاد واشترك اقل من نصف الناخبين واسفرت النتائج عن فوز رولينجرز. واعتبرت الاحزاب الأخرى ان هناك تلاعبا في الانتخابات لذلك قاطعت الانتخابات البرلمانية ولم تحصل علي أي مقعد داخل البرلمان
و شهدت انتخابات 1996 ظاهرة سياسية جديدة في الانتخابات الغانية متمثلة في حدوث تحالف من جانب احزاب المعارضة ضد الرئيس رولينجرز ففي تلك الانتخابات اضطرت الاحزاب ان تتخلي عن خلافاتها الايدلوجية والحزبية من اجل امتلاك فرصة أكبر علي منافسة الرئيس رولينجرز فكان من الصعب علي أي منها ان تواجه رولينجرز بفردها فأرادت تلك الاحزاب تجميع مؤيديهم وتشجيعهم علي التصويت بدلا من تفتيت وتشتيت التأييد الانتخابي الفعلي أو المحتمل لهم والمخاطرة بخسارة انتخابات 1996
و على الرغم من تلك التحالفات استطاع رولينجرز ان يفوز بفترة رئاسية أخرى ولكن لم تقاطع احزاب المعارضة هذه المرة الانتخابات البرلمانية وحصل الحزب الوطني الجديد علي 60 مقعد
وبذلك تكون انتهت فترتي الرئاسة لدي الزعيم ذو الخلفية العسكرية رولينجرز وطبقا لدستور 1992 فهو لا يستطيع التقدم لخوض فترة رئاسية أخرى.فكان التحدي هنا هل سيقوم رولينجرز بتعديل الدستور قهرا ليتقدم للانتخابات ام سيستخدم القوة العسكرية للتكملة في السلطة بعد أن وصل في بادئ الأمر للسلطة عن طريق انقلاب عسكري
العملية الانتخابية عام 2000
جاءت انتخابات 2000 وسط العديد من التخوفات من الرئيس رولينجرز خوفا من ان يقوم بالالتفاف حول الدستور ولكن ابدي رولينجرز رغبة واضحة في احترام الدستور خوفا من أي ردود فعل داخلية عنيفة أو خوفا من ردود فعل خارجية لاسيما ان غانا تعتمد علي مساعدات دولية وتقوم بتنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي
ان الانتخابات الرئاسية قد جاءت على مرحلتين، وفيما يتعلق بالمرحلة الأولى فقد أجريت بتاريخ 7 ديسمبر 2000، حيث تنافس 7 مرشحين على منصب رئيس البلاد وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن حصول جون كوفور «ممثل» الحزب الوطنى الجديد «على 48.4% من الأصوات، بينما حصل منافسه مرشح حزب» المؤتمر الوطنى الديمقراطى«الحاكم» جون أتاميلز«والذي يشغل منصب رئيس الجمهورية على 44.8% من الأصوات، وهو ما أدى بدوره إلى إجراء الجولة الحاسمة بين المتنافسين الأولين يوم 28 ديسمبر 2000، وذلك بعد استبعاد باقى المرشحين وقد انتهت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بفوز زعيم المعارضة» جون كوفور«والذي حصل على 57.42 % من الأصوات، بينما حصل منافسه» جون أتاميلزعلى 42.58 % من الأصوات. وبتاريخ 7 يناير 2001 أدى الرئيس الغانى الجديد «جون كوفور» اليمين الدستورية لتولى مهام الرئاسة
العوامل المؤثرة علي الانتخابات:
اولا: كانت هذه الانتخابات ذات طابع مميز حيث هناك انقسام داخل حزب المؤتمر الديمقراطي حول جون ميلز حيث تم اختياره ليكون مرشح عن الحزب من قبل رولينجرز وحده دون مشورة الحزب كما أن جون ميلز ان كان يفتقد للكاريزما التي لدي رولينجرز. وعلي الجانب الآخر كان الحزب الوطني الجديد حزب المعارضة الرئيسي متماسكا متحدا حيث استفاد كوفور كثيرا من خسارته في انتخابات 1996 امام الرئيس رولينجرز [7]
ثانيا: تداخلت الاعتبارات الاثنية والإقليمية فقد كان هناك اقتناع عام بضروره ان يكون نائب الرئيس مسلما لارضاء الاقلية المسلمة الكبيرة ولقد وعي كافور لذلك وقام باختيار الحاج علي محمد نائب للرئيس
ثالثا: واجهت غانا خلال النصف الثاني من التسعينات ازمة اقتصادية حادة للغاية وادت هذه الازمة الي شيوع حالة التدهور الاقتصادي الحاد في البلاد مما قلل من شعبية الحزب الحاكم وعلى الرغم من ان غانا تقوم منذ بداية التسعينات بتنفيذ برنامج طموح للإصلاح اللاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي[8]
و كانت لهذه العوامل كبير الاثر علي نتائج انتخابات 2000 وانتخاب كافور رئيسا لغانا.
ولقد واجه الرئيس كافور العديد من التحديات بعد انتخابه رئيسا وخصوصا تلك المتعلقة بسوء الاحوال الاقتصادية وتتمثل في اتساع نطاق البطالة وانخفاض الاجور والمرتبات وارتفاع تكاليف المعيشة والانخفاض السريع في قيمة العملة المحلية وازدياد الدين العام والاعتماد العالي علي المساعدات الأجنبية
ولقد وجه كافور عبر انتخابه رئيسا خطاب له امام البرلمان الغاني يوضح فيه رؤيته لحل المشكلات التي تواجه المجتمع الغاني وكانت رؤيته مستقاه الي حد كبير من تقاليد دانواه – بوسيا فلقد ركز علي انه يمكن حل المشكلات عن طريق تحرير طاقات الشعب وتعزيز الديمقراطية في البلاد واحترام الحق في الحياة والحرية والعدل باعتبارها مبادئ أساسية للحكم وعلي اساس هذه الرؤسة يركز كافور علي تقوية مؤسسة الرئاسة وتأكيد استقلال وفاعلية القضاء وزيادة قدرة البرلمان المشاركة في الحكم مع احترام المعارضة وعدم اعتبارها اعداء بل التعامل معاها علي ان وجودها ضروري من اجل ضمان فاعلية الحكم الديمقراطي
السياسة الداخلية لكافور
1)إعادة بناء المؤساسات الاقتصادية للدولة وتقديم موازنة عامة واقعية
2)الالتزام بالانضمام الي اتحاد دولي أو اقليمي للعملة من اجل ضمان استقرار العملة
3)تسعير المنجات النفطية من اجل خفض العبء عن كاهل الدولة
4)معالجة العجز الضخم في الموازنة العامة
5)الاستفادة من التطور التكنولوجي العالمي من اجل تنمية الاقتصاد الوطني
الموقف بعد انتخابات 2000
يمكن القول انه بعد انتخاب كوفور وحصول حزبه علي الاغلبية البرلمانية بعد أن كان حزب المعارضة وقبول الحاكم ذو الخلفية العسكرية رولينجرز نتائج الانتخابات الرئاسية 2000 ان غانا سارت علي طريق الديمقراطية الحقيقية ولقد تمكن أول رئيس مدني للوصول الي الحكم بعد عقود من سيطرة العسكريين علي الحكم في البلاد. هذا القبول من قبل جميع الاحزاب بما فيها الحزب الحاكم للعملية الانتخابية يؤكد علي عمق الديمقراطية
وكان لذلك القبول من قبل الاحزاب عدة عوامل واسباب:
- 1)إن عملية التداول السلمي للسلطة تتم بين حزبين كبيرين فقط بالرغم من فكرة التعدد الحزبي. ربما هذا لا يعود فقط لفترة التسعينيات، وإنما لفترة الستينيات مع اختلاف القوى السياسية في كل فترة. فخلال عقد الستينيات سادت قوتان رئيستان: الأولى هي «النكروميون»، نسبة إلى كوامي نكروما ذو التوجهات الاشتراكية صاحب حركة التحرير وأول رئيس للبلاد بعد الاستقلال وحتى عام 1966. الثانية هم أتباع الرئيس كوفي بوسيا دانكوه، ذي التوجة الرأسمالي الذي حكم البلاد في الفترة من 1966 وحتى عام 1972. أما في عقد التسعينات فقد برزت قوتان رئيستان أيضا، الأولى هي «القوة الوطنية الإصلاحية» التي مثلها حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي الذي أسسه الرئيس السابق جيري رولينجز والذي وصل للحكم عقب انقلاب عسكري في عام 1981. ولم يكن للحزب أيديولوجية فكرية واضحة، حيث ثار في حينها جدل كبير داخل الأوساط السياسية في البلاد حول هوية هذا الحزب، فاعتبره البعض ثوريا، في حين اعتبره آخرون شعبويا، واعتبره تيار ثالث برجماتيا، وإن كانت السياسات التي اتبعها رولينجز في التسعينات تشير إلى أنه كان إصلاحيا وطنيا. لقد جاء صعود هذا الحزب على حساب التيار النكرومي بعد عجز الأخير عن تطوير نفسه، فضلا عن الانقسامات التي تعرض لها وانقسامه لثلاثة أحزاب هي حزب مؤتمر الشعب، وحزب التضامن الشعبي العظيم، وحزب مؤتمر الشعب الوطني. القوة الثانية هي الحزب الوطني الجديد الذي أسسه الرئيس السابق جون كوفور عام 1992، والذي التزم بمبادئ بوسيا دانكوه الليبرالية. وقد ظل الحزب يشكل المعارضة الرئيسية لحزب المؤتمر الوطني، إلى أن نجح جون كوفور في انتخابات عام 2000 في مواجهة جون عطا ميلز مرشح حزب المؤتمر
[9]
2)إن عملية المشاركة في الانتخابات، خاصة بالنسبة للمعارضة، هي الأفضل من فكرة المقاطعة، لأنها تساهم في تحسين أداء الحكومة من ناحية، كما تعد، من ناحية أخرى، تدريبا لها حال وصولها للسلطة بعد ذلك. وقد حدث هذا بالنسبة للحزب الوطني الجديد الذي قاطع انتخابات عام 1992 البرلمانية بعد هزيمة مرشحه جون كوفور في الانتخابات الرئاسية وما تردد عن حدوث تجاوزات بها، لكن الحزب عاد وشارك في انتخابات عام 1996 بالرغم من خسارة كوفور لها، لكنه نجح في الحصول على 61 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغ 199 مقعدا، وبالتالي شكل المعارضة الرئيسية في البلاد، وهو ما دفعه لإظهار سلبيات حكومة المؤتمر، الأمر الذي ساهم في فوزه في انتخابات 2000 على الصعيد الرئاسي والبرلماني في آن واحد
3)وجود رغبة سياسية لدى النظام الحاكم في احترام قواعد الدستور واللعبة الديمقراطية فيما يتعلق بعملية تداول السلطة، لاسيما فيما يتعلق بعدم تولي الرئاسة أكثر من دورتين (مدة الدورة الواحدة أربع سنوات)، حيث كان جيري رولينجز أول من احترم الدستور بعدم ترشحه لدورة ثالثة في انتخابات 2000 بالرغم مما تردد في حينها حول رغبته في الترشح، وقيامه بترشيح نائبه الرئيس الحالي جون عطا ميلز الذي خسر الانتخابات في مواجهة جون كوفور.
4)إن حسم عملية الانتخابات الرئاسية لا يتم إلا من خلال جولة الإعادة، وحتي في هذه الجولة غالبا ما يكون هناك تقارب كبير في نسب التصويت، وهو ما يعكس حالة الشفافية والنزاهة التي اتسمت بها الانتخابات في غانا بصفة عامة مقارنة بغيرها؛ ففي انتخابات عام 2000 على سبيل المثال والتي فازت فيها قوى المعارضة التي مثلها في حينها حزب المؤتمر، حصل كوفور48% في الجولة الأولى على مقابل 44% لميلز. وفي الجولة الثانية حسم كوفور الجولة لصالحه بحصوله على 57%
5)شيوع ثقافة المشاركة السياسية لدى المواطنين، وهي مرتبطة بفكرة التنشئة السياسية التي تتم من خلال مؤسسات الدولة، وأيضا مؤسسات المجتمع الدولي. ظهرت في مؤشريين
الأول، زيادة نسبة الإقبال على عملية التصويت بالرغم من أن عملية التصويت اختيارية وليست إلزامية بموجب المادة 42 من الدستور، حيث لا يتم توقيع غرامة على غير المشاركين في التصويت، وهو ما يمكن تفسيره بعدة أمور، لعل أهمها رغبة المواطنين في زيادة نسبة المشاركة عن أقرانهم داخل القارة، بل وخارجها أيضا..
الثانية، شيوع ثقافة التسامح السياسي، والقبول بقواعد اللعبة الديمقراطية
6)عدم وجود أعمال عنف سواء قبل العملية الانتخابية أو أثنائها أو حتى بعدها، بالرغم من أن هذه الأجواء الداخلية والإقليمية كانت مهيأة لذلك؛ فداخليا أُعلن عن اكتشاف البترول في البلاد، وأن عملية إنتاجه ستبدأ عام 2010. ومعنى ذلك أن الرئيس والحزب الحاكم سيتمكن من إدارة هذه الثروة بمفرده
أما على الصعيد الخارجي فقد كانت هناك نماذج غير ديمقراطية في العديد من الدول الأفريقية سواء تلك التي شهدت انتخابات مماثلة رافقتها أعمال تزوير وعنف وعدم اعتراف بالنتائج كحالتي كينيا، زيمبابوي، أو تلك التي شهدت انقلابات عسكرية كحالتي غينيا وموريتانيا، وهو ما وضع ناخبو غانا في اختبار صعب؛ فإما تأكيد أنهم نموذج فريد في القارة، أو أنهم لا يختلفوا كثيرا عن جيرانهم
7)عدم التصويت على أساس إثني، هي نقطة مهمة تكاد تفسر أسباب حدوث الاستقرار في غانا، وعدم تعرضها لحرب أهلية على غرار تلك التي شهدتها ولا تزال العديد من الدول الأفريقية بما في ذلك دول الجوار القريب كساحل العاج. ولعل هذا يرجع إلى جهود نكروما بعد الاستقلال؛ فبالرغم من وجود بعض الإثنيات في البلاد كالأشانتي والفانتي، إلا أن نكروما كان حريصا على التحذير من خطورة تقسيم المواطنين على أساس إثني، وأن هذا التقسيم من مواريث الاستعمار البغيض، وبالتالي فهناك حاجة لتوحد الجميع معا من أجل خوض معركة التنمية وبناء الدولة معا وفق مبدأ المواطنة والمساواة بين الجميع، وربما كانت هذه السمة التي ميّزت انتخابات عام 1969
8)السماح بالإشراف الدولي على الانتخابات، وعدم اعتبار ذلك انتقاصا من السيادة الداخلية للبلاد. لقد ساهمت هذه الخطوة في تأكيد الصورة الايجابية للديمقراطية في غانا من خلال شهادة المراقبين الأجانب[10]
9)وجود لجنة مستقلة للإشراف على العملية الانتخابية. هذه اللجنة لا يقتصر عملها على الانتخابات الوطنية فقط، وإنما يناط بها أيضا الإشراف على كافة الانتخابات التي تشهدها البلاد بما في ذلك انتخابات النقابات المهنية. ويتم اختيار أعضائها بحسب الكفاءة والخبرة. ولا توجد مدة محددة لعضوية اللجنة، فضلا عن كونها مستقلة عن أي جهة حكومية، وهو ما يكسبها مكانة وهيبة لدى الجميع.
10)يرتبط بما سبق وجود مناخ إيجابي بخصوص حرية الصحافة باعتبارها السلطة الرابعة في البلاد، وهو ما يساهم في ضبط أداء الحكومة، وتحجيم الفساد بسبب إمكانية الكشف عنه من خلال الصحافة الخاصة تحديدا؛ فالقوانين في غانا تسمح بحرية وسائل الإعلام والصحافة في ممارسة عملها دون تدخل من النظام السياسي أو الدولة في عملها.
الخاتمة
ان مجرد السماح بوجود تعدد حزبي داخل غانا مكن من تحقيق الديمقراطية وانهاء سيطرة العسكريين بعد عقود من الانقلابات العسكرية المتلاحقة في انتخابات 2000 .
فقد بدا واضحا ان العامل الحاسم الذي لعب دورا مهما في توجيه نتائج الانتخابات يتمثل في وجود رغبة عارمة في التغيير السياسي لدي قطاعات واسعة من الشعب الغاني من اجل التخلص من حكم حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي والانتقال الي حاكم مدني (كافور) لأول مرة منذ عقود.
مراجع
- ^ kweku G. Fohson, Ideology,Revolution and Development :The years of Jerry John in Ghana
- ^ Kwku mintab ,As president Rawlings Terms Expires: Who will lead the NDC?, West Africa No.4204,29th Nov-5thDec . 1999
- ^ T HE CONSTITUTION OF THE REBUPLIC OF GHANA 1992 http://www.judicial.gov.gh/constitution/second_schedule/home.htm نسخة محفوظة 2016-03-14 على موقع واي باك مشين.
- ^ احمد إبراهيم محمود "انتخابات غانا : التحول من الشرعية الثورية الي الشرعية الدستورية " . افاق أفريقية , العدد الخامس ربيع 2001
- ^ Daniel Smith “Ghana’s 2000 elections: consolidating multi-party democracy”. University of Denver http://www.clas.ufl.edu/users/dasmith/es.pdf نسخة محفوظة 2006-08-28 على موقع واي باك مشين.
- ^ محمد عاشور مهدي . " دليل الدول الأفريقية " معهد البحوث و الدراسات الأفريقية : القاهرة 2007
- ^ Kow Ansab, NPP-Searching for Fitting Runningmate ,West Africa,No.420,29 Nov- 4 Dec.1999
- ^ International Monetary Fund (IMF),Ghana: Adjustment and Growth 1983-1991( Washington :IMF, 1991)
- ^ د.بدر حسن الشافعي "الميثاق الأفريقي للديمقراطية و الانتخابات و المحكومية : نموذج غانا ". مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
- ^ Smith, D., Temin, J., Nuamah, K., 2001. Media coverage of the 2000 election: a report on the media coverage of election 2000 (May 2000–Janurary 2001). Ghana Center for Democratic Development, Accra p.p8