آرثر روي إيكاردت، وهو ثيولوجي ورجل دين ميثودي ورائد في مجال العلاقات اليهودية المسيحية،[1] يرى أن أساس معاداة الساميةوالمسؤولية عن الهولوكوست تكمن في العهد الجديد.[2] في حين أن الإجماع بين المؤرخين هو أن النازية ككل إما لا علاقة لها بالمسيحية أو تعارضها بنشاط.[3] يرى إيكاردت أن التوبة المسيحية يجب أن تشمل إعادة النظر في المواقف اللاهوتية الأساسية تجاه اليهود والعهد الجديد من أجل التعامل بفعالية مع معاداة السامية.[4] كما وبحسب المؤرخة لوسي داودوفيتش، فإنه على الرغم فإن معاداة السامية لها تاريخ طويل داخل المسيحية؛ إلأ أنّ معاداة السامية الألمانية الحديثة والهولوكوست تعود جذورها إلى القومية الألمانية والثورة الليبرالية في عام 1848.[5] ويشير عدد من الباحثين والمؤرخين إلى أنّ احتضان الحركة العلمية والمجتمع الألماني النظرة لليهود على أنهم عرق كان أعضاؤه واقعين في معركة مميتة مع العرق الآري للهيمنة على العالم يتحمل المسؤولية عن الهولوكوست.[6][7][8][9][10]
جادل جيمس دن بأن العهد الجديد ساهم في معاداة السامية اللاحقة في المجتمع المسيحي.[11] حسب لويس فيلدمان، فإن مصطلح «معاداة السامية» هو «عبثية أخذها اليهود من الألمان»، ويعتقد أن المصطلح الصحيح هو معاداة اليهودية.[12] غالبًا ما يتم التمييز بين معاداة اليهودية ومعاداة السامية أو التشكيك في وجود فارق،[13] فيما يتعلق بالعداء المسيحي المبكر لليهود: البعض، ولا سيما غافين لانجموير،[14] يفضلون «معاداة اليهودية»، والتي تحمل عداوة لاهوتية. ويقولون أن مفهوم معاداة السامية كان «لا معنى له» في الأيام الأولى للديانة المسيحية وأنه لم ينشأ إلا في وقت لاحق.[15] في هذا السياق، يشير مصطلح معاداة السامية إلى نظريات العرق البيولوجية العلمانية في العصر الحديث.[16] بيتر شيفر يفضل كلمة يهودوفوبيا عند الإشارة إلى العداء الوثني لليهود، لكنه يعتبر كلمة معاداة السامية -حتى لو كانت مفارقة تاريخية- مرادفة لهذا المصطلح، بينما يضيف أن «معاداة اليهودية» بين المسيحيين كانت في نهاية المطاف الأساس لما أصبح فيما بعد «معاداة السامية».[17]
أكد أكاردت أن أساس معاداة السامية ومسؤولية المحرقة يكمنان في العهد الجديد، ومع ذلك، قد يكون هذا في حد ذاته معاديًا للسامية بالنظر إلى أن العهد الجديد كتبه اليهود، إلى جانب لوقا الإنجيلي، على الرغم من الاعتقاد السائد بأنه ربما كان يهودي هلنستي، وبالتالي سيكون إلقاء اللوم على المحرقة على اليهود بالخطأ.[2] يجادل جيمس دن أن تعبيرات العهد الجديد المختلفة عن الغضب والأذى من قبل أقلية منزعجة من رفض الأغلبية قبول ادعاءاتهم عن يسوع اليهودي تعكس التوترات الداخلية بين المجتمعات اليهودية التي لم توحدها اليهودية الربانية، والمسيحية التي لم تكن قد انفصلت بعد عن اليهودية.[11] الكلمة اليونانية Ioudaioi المستخدمة في العهد الجديد يمكن أن تشير إما إلى اليهود أو، بشكل أكثر تحديدا، إلى سكان يهودا وحدهم.
إن فكرة أن العهد الجديد معاد للسامية هو موضوع جدلي ظهر في أعقاب الهولوكوست مرتبطًا بأطروحة طرحتها روزماري روثر،[18][19] وتعتمد الآراء المختلفة على كيفية تعريف معاداة السامية، وعلى الخلافات العلمية حول ما إذا كانت معاداة السامية لها تاريخ متجانس متواصل، أو أنها مصطلح جامع يجمع العديد من أنواع العداء ضد اليهود مع مرور الوقت.[20] بالمقابل تم إصدار وثيقة من قبل أكثر من 220 من الحاخامات ومفكرين من جميع فروع اليهودية في عام 2000 كبيان حول العلاقات اليهودية المسيحية ونصت الوثيقة أن المسيحية كديانة غير مسؤولة عن النازية أو الهولوكوست، حيث تنص الوثيقة «لم تكن النازية ظاهرة مسيحية. لكن من بدون التاريخ الطويل للمسيحية المعادية لليهودية والعنف المسيحي ضد اليهود، لم يكن بإمكان الأيديولوجية النازية الإستيلاء على الحكم. لقد شارك الكثير من المسيحيين مع النازيين أو كانوا متعاطفين معهم. ولم يرتكب مسيحيون آخرون احتجاجًا كافٍ ضد هذه الفظائع، لكن النازية نفسها لم تكن نتيجة حتمية للمسيحية».[21]
تعتبر أجيندات كل طائفة هي أساس كتابة النصوص القانونية، وتعد وثائق العهد الجديد المختلفة نوافذ للصراع والنقاشات في تلك الفترة.[22] وفقًا لتيموثي جونسون، كان التشهير المتبادل بين الطوائف المتنافسة قويًا جدًا في الفترة التي تكونت فيها هذه الأعمال.[23] علاوة على ذلك، فإن العهد الجديد عبارة عن مجموعة من النصوص المكتوبة على مدى عقود و«بالتالي فالحديث عن وجهة نظر موحدة في جميع أجزاء العهد الجديد أمر لا معنى له».[24]
وفقًا للحاخام مايكل جيه كوك، أستاذ الأدب المسيحي المبكّر في كلية الاتحاد العبري، هناك عشرة مواضيع في العهد الجديد كانت مصدرًا لمعاداة اليهودية ومعاداة السامية: [25]
إن اليهود هم المذنبون في صلب المسيح.
محن الشعب اليهودي عبر التاريخ تشكل عقاب الله لهم لقتلهم يسوع.
يسوع في الأصل جاء من أجل وعظ اليهود فقط، لكن عندما رفضوه، تخلى عنهم وذهب لوعظ الوثنيين.
كان أطفال إسرائيل هم شعب الله المختار الأصلي، لكن بعد رفضهم يسوع فقد تخلوا عن ذلك وأصبح المسيحيون هم شعب الله المختار.
يصور الكتاب المقدس العبري (العهد القديم) مرارًا وتكرارًا غموض وعناد الشعب اليهودي وعدم ولائهم لله.
يحتوي الكتاب المقدس العبري على العديد من التنبؤات بقدوم يسوع باسم المسيا (أو «المسيح»)، ومع ذلك فإن اليهود أعموا عن فهم معنى كتابهم المقدس.
بحلول وقت خدمة يسوع، توقفت اليهودية عن أن تكون إيمانًا حيًا.
جوهر اليهودية هو عبارة عن قانونية مقيدة ومرهقة.
المسيحية تؤكد على الحب، في حين أن اليهودية مع العدالة ولها إله غاضب.
يعكس اضطهاد اليهودية ميل خصوم يسوع وهم «الفريسيون» (أسلاف «الحاخامات»)، الذين كانوا في تعاليمهم وسلوكهم منافقين.
غالبًا ما يتم تقييم إنجيل متى أنه الأكثر يهودًية في الأناجيل القانونية، ومع ذلك يرى البعض إنه معاد لليهودية أو معاد للسامية.[27]
يعطى إنجيل متى للقراء انطباعًا بأن عداءه لليهود يزداد مع تقدم سرده، إلى أن يبلغ ذروته في الفصل 23.[28]
إنجيل يوحنا
في إنجيل يوحنا، يتم استخدام كلمة υδουδαῖοι (اليهود) 63 مرة،[29][30] ويتم استخدامها بمعنى عدائي 31 مرة،[31] ولا يتم التمييز بين الجماعات اليهودية. الصدوقيين على سبيل المثال، الذين من المعتاد بروزهم، ليسوا متميزين.[32] ويوصف أعداء يسوع مجتمعين باسم «اليهود».[33] يتم دائمًا عرض مؤامرة قتل يسوع على أنها قادمة من مجموعة صغيرة من الكهنة والحكام، الصدوقيين.[30][34] تم وصف إنجيل يوحنا بأنه «وفر الحبوب لطاحونة معاداة السامية».[35] إنه المصدر الرئيسي لصورة «اليهود» الذين يتصرفون بشكل جماعي كأعداء ليسوع، والتي أصبحت لاحقًا ثابتة في العقول المسيحية.[36]
في عدة مواضع يربط إنجيل يوحنا أيضًا «اليهود» بالظلام والشيطان، كما في يوحنا 8: 37-39؛ [37] 44-47.[38]
صحيح أن السلطات اليهودية وأولئك الذين اتبعوا قيادتها قد عملوا من أجل موت المسيح؛ لا يزال ما حدث في صلبه لا يمكن توجيه الاتهام بسببه ضد جميع اليهود دون تمييز سواء من كانوا أحياء حينها، ولا ضد يهود اليوم. على الرغم من أن الكنيسة هي شعب الله الجديد، إلا أنه يجب ألا يعتبر أن اليهود مرفوضون أو ملعونون، كما لو أن هذا قد جاء من الكتاب المقدس.[39][40]
نورمان بيك، أستاذ اللاهوت واللغات الكلاسيكية في جامعة تكساس اللوثرية، اقترح أن تزيل المسيحية ما يسميه «... النصوص التي يتم اعتبارها إشكالية...».[41] يحدد بيك ما يعتبره مقاطعًا مسيئة في العهد الجديد ويشير إلى الحالات التي يتم فيها تضمين هذه النصوص أو أجزاء منها في سلاسل كتابية رئيسية.
كما اقترح دانييل غولدهاغن، أستاذ مشارك سابق للعلوم السياسية بجامعة هارفارد، في كتابه "A Moral Reckoning" أن تغيّر الكنيسة الكاثوليكية عقيدتها وشريعة الكتاب المقدس المقبولة لاستئصال مقاطع يصفها بأنها معادية للسامية، - ويحسب حوالي 450 مقطعًا من هذا النوع في الأناجيل الإزائيةوسفر أعمال الرسل وحدهم[42] - وللإشارة إلى أن «طريق اليهود للوصول إلى الله شرعي مثل الطريقة المسيحية».[43]
^Klöss, ed. (1967). Reden des Führers. Politik und Propaganda Adolf Hitlers, 1922–1945.
^Klöss, ed. (1967). Reden des Führers. Politik und Propaganda Adolf Hitlers, 1922–1945, p. 49.
^ ابجيمس دان (ed.) 1992 J. The Question of Anti-Semitism in the New Testament Writings of the Period, in James D.G. Dunn, ‘Jews and Christians: the parting of the ways, CE 70 to 135. Wm. B. Eerdmans Publishing, 1999. Pp.176-211 p 179. 'The challenge thus posed to Christian NT scholars in particular cannot therefore be ducked... The question we must face, then, is whether such attitudes are already inseparable from the scriptures on which they were based. ... in terms of the present inquiry, Does the attitude to Jews in the post-70 NT documents indicate that the final breach, the decisive parting of the ways between Christianity and (rabbinic) Judaism, has already happened?' نسخة محفوظة 25 أكتوبر 2019 على موقع واي باك مشين.
^لويس فيلدمان, Studies in Hellenistic Judaism, BRILL 1996 pp.277f. and n.1:'Of course, the term antisemitism is an absurdity which the Jews took over from the Germans. There was no such thing in antiquity, since its basis, the Machic family tree, was hardly known outside the circles of the Jews themselves, until the rise of Christianity, which could not well be hostile to the race of its savior. The more accurate term would be “anti-Judaism” but the term “anti-Semitism” is so widespread that it may seem artificial to discard it.’ نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
^Guy G Strousma, ‘From anti-Judaism to antisemitism in Early Christianity,’ in Ora Limor, Guy Stroumsa, Contra Iudaeos: Ancient and Medieval Polemics Between Christians and Jews,Mohr Siebeck 1996 pp.1-26 p.5: 'It obviously makes little sense to speak of Christian anti-Semitism in the earliest stages of the new religion, since the belief in Jesus Christ was at first held within a Jewish sectarian movement . .Anti-Judaism is hence perceived as inherent to Christianity, while antisemitism would represent an attitude of a rather different nature, appearing later, and elsewhere نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
^Guy G Strousma, ‘From anti-Judaism to antisemitism in Early Christianity,’ p.5:'I wish to recall that . . these texts were written in rather diverse milieus, and that therefore it is quite meaningless to speak about a single New Testament attitude.’; p.16 ‘The context and meaning of the rejection of the Jews in the Gospel of John, . .are vastly different from يوحنا ذهبي الفم’s anti-Jewish invective. We cannot speak of a single early Christian or Patristic attitude toward Jews and Judaism, or imply its existence. Both the relationship of Christianity to Judaism and the Christians’ perceptions of Jews were totally different at the end of the fourth century than they had been three hundred years previously’. نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
^ ابReimund Bieringer, Didier Pollefeyt, Frederique Vandecasteele-Vanneuville, 'Wrestling with Johannine Anti-Judaism: A Hermeneutical Framework for the Analysis of the Current Debate,' in Anti-Judaism and the Fourth Gospel, pp.3-41 p.15. نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
^R. Alan Culpepper, 'Anti-Judaism in the Fourth Gospel as a Theological Problem for Christian Interpreters,' in Reimund Bieringer, Didier Pollefeyt, Frederique Vandecasteele-Vanneuville (eds.),Anti-Judaism and the Fourth Gospel, Publisher Westminster John Knox Press, 2001 pp.61-82, p.64. نسخة محفوظة 28 نوفمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
Baum, Gregory, The Jews and the Gospel: A Re-examination of the New Testament, Newman Press (1961); reprinted as Is the New Testament Anti-semitic?, Paulist Press (1965)
Evans, Craig A. and Donald A. Hagner, eds., Anti-Semitism and Early Christianity: Issues of Polemic and Faith, Fortress Press (1993); (ردمك 9780800627485)
Freudmann, Lillian C. Antisemitism in the New Testament, University Press of America (1994); (ردمك 0-8191-9295-3)
Gomes, Peter J. "The Bible and Anti-Semitism: Christianity's Original Sin", Chapter 6 in The Good Book: Reading the Bible with Mind and Heart, William Morrow (1996); (ردمك 9780688134471)
Hagner, Donald A., "Anti-Semitism", Dictionary of Jesus and the Gospels, 2 ed., Green, Brown and Perrin, eds., IVP Academic (2013); (ردمك 9780830824564)
Kee, Howard Clark, and Irvin J. Borowsky, eds., Removing the Anti-Judaism from the New Testament, Philadelphia: American Interfaith Institute (1998); (ردمك 1-88-106001-2)
Stendahl, Krister, "Anti-Semitism", The Oxford Companion to the Bible, Metzger and Coogan, eds., Oxford University Press (1993); pp.32-34. (ردمك 0-19-504645-5)