المدينة خلابة، بشبكة كثيفة من الشوارع المزودة بممرات تؤدي إلى ساحات عامة كبيرة، والعديد من الجسور تعبر مختلف فروع الباكيليوني، والذي يحيط بالأسوار القديمة مثل الخندق المائي.
و هي مقر لجامعة مرموقة أسست سنة 1222 م، تفتخر باذُوَة بالعديد من الشواهد عن ماضٍ ثقافيوفني عريق، مما جعلها مقصداً للسياح من جميع أنحاء العالم. وهي اليوم مركز اقتصادي هام وأحد أهم وأكبر مراكز تبادل النقل بما فيه النهري على مستوى أوروبا، وتعد حاليا أكبر محطة في شمال إيطاليا.
في سنة 1871 بلغ عدد السكان 64٬862 نسمة، وتطور العدد ليصل في سنة 2011 لـ 206٬192 نسمة.
يظهر هذا المخطط البياني تطور النمو السكاني لـ باذُوَة[27]
التاريخ
العصور القديمة
تدعي باذُوَة بأنها أقدم مدينة في شمال إيطاليا. وفقاً لتأريخ تقليدي على الأقل بالنسبة لإنياذةفيرجيل، وأعادت اكتشافه بلدية القرون الوسطى لتمجيد ذاتها، أنها تأسست في عام 1183 قبل الميلاد من قبل الأمير أنتينور الناجي من تدمير طروادة، الذي يفترض أنه قاد شعب الفينيتيين أو الإنيتيين من المنطقة البلقان إلى إيطاليا. نبشت المدينة قبراً حجرياً كبيراً في سنة 1274 وأعلنت أن هذه تمثل آثار أنتينور.
ثم سقطت تحت سيطرة اللومبارديين. في سنة 601 ثارت المدينة ضد أجيلولفواللومبارديين ملك، وبعد معاناة طويلة (12 سنة) وحصار دامي، اقتحمها وأحرقها. لقد مُحقت باذُوَة العصور القديمة : بقايا مدرج (Arena) وبعض أساسات جسر هما كل ما تبقى من باذُوَة رومانية حتى اليوم. فرّ أهالي المدينة إلى التلال وعادوا ليعيشوا بتقشف بين الأطلال ؛ استنادا للروايات أن الطبقة الحاكمة تخلت عن المدينة للاغونا. لم تسترد المدينة عافيتها بسهولة من هذه الضربة، وكانت باذُوَة ما تزال ضعيفة لمّا حلّ الفرنجة محل اللومباديين كأسياد لشمال إيطاليا.
الفرنجة والحكم الأسقفي
في مؤتمر آخن (828)، قُسمت أملاك الماركيين ومن ضمنها باذُوَة إلى أربع بلدان أخذها إحداها اسمها، مدينة باذُوَة.
خلال فترة الحكم الأسقفي على مدن شمال إيطاليا، لم تبد باذُوَة مهمة جداً أو نشطة جداً. الاتجاه العام لسياستها طوال فترة صراع التتويج كان إمبراطورياً وليس رومانياً ؛ وأساقفتها كانوا ألماناً في الأغلب.
الحدث الرئيسي في أواسط العصور الوسطى كان نهب المجريين للمدينة في سنة 899. واحتاجت باذُوَة للعدة سنوات قبل أن تتعافى من هذا التخريب.
ظهور البلدية
كانت تجري تحت السطح عدة حركات هامة كإرهاصات لتطور باذُوَة اللاحق.
أقرّ المواطنون دستوراً في بداية القرن الحادي عشر، يتكون من مجلس عام أو جمعية تشريعية وهيئة تنفيذية (credenza).
و أثناء القرن القادم دخلت حروباً مع البندقيةوفيشنسا حول حقوق الملاحة عبر نهري باكيليونيبرينتا. وهذا يعني تنامي قوة المدينة، واعتمادها على ذاتها.
بدأت تظهر عائلات كامبوسامبييرووإستيودا رومانو الكبرى وقسـّمت المنطقة البادوفية فيما بينها. اضطر المواطنين لانتخاب بوديستا من أجل حماية حرياتهم. وقع اختيارهم الأول على أحد أعضاء آل إستي.
دمر حريق باذُوَة في عام 1174. ويفترض أن المدينة خضعت لعملية إعادة بناء.
ساعد النجاح المؤقت للرابطة اللومباردية في تقوية المدن. ولكن سرعان ما أعادتهم غيرتهم الحضارية إلى الضعف مرة أخرى. ونتيجة لذلك، في عام 1236 لم يجد فريدريك الثاني صعوبة تذكر في تثبيت نائبه الاستبدادي إتسيلينو دا رومانو في باذُوَة والمدن المجاورة، حيث مارس أعمالا وحشية مخيفة على السكان. أُسقط إتسيلينو في يونيو 1256 دون أراقة دماء مدنيين، بفضل البابا إسكندر الرابع.
ثم تمتعت باذُوَة بفترة من الهدوء والرخاء : بدأ بناء كاتدرائية القديس ؛ أصبح البادوفيون أسياد فيشنسا. تأسست الجامعة (الثالثة في إيطاليا) في عام 1222، وازدهرت القرن الثالث عشر.
حكم المدينة نبيلان بندقيان، بودستا مدني وقائد للشؤون العسكرية. ينتخب كلاهما لستة عشر شهرا. في ظل هؤلاء الحكام، واصل المجلسان الكبير والصغير بتصريف أعمال البلدية وإدارة القانون البادوفي، والوارد في تشريعات 1276و1362. كان هنالك أمينان يديران الخزانة ؛ ومرة كل خمس سنوات يرسل البادوفيون أحد نبلاءهم للإقامة في البندقية كسفير (nuncio)، للاهتمام بمصالح مدينته.
حصنت البندقية باذُوَة بأسوار جديدة، بنيت بين عامي 1507و1544، مع مجموعة من البوابات الضخمة.
لم يتمتع النمساويون بالشعبية في الأوساط التقدمية بشمال إيطاليا. في سنة الثورات 1848، شهدت باذُوَة انتفاضة طلابية في 8 فبراير تحولت فيها الجامعة ومقهى بيدروكي إلى ساحات معارك قاتل فيها الطلاب والبادوفيون العاديون جنبا إلى جنب.
بدأت باذُوَة تطورها الصناعي تحت الحكم النمساوي ؛ وأنشئ خط باذُوَة - البندقية أحد أوائل خطوط السكك الحديدية الإيطالية في سنة 1845.
في عام 1866 أعطت معركة سادوفا إيطاليا الفرصة لطرد النمساويين من الجمهورية الفينيتية القديمة، وانضمت باذُوَة وبقية فينيتو إلى المملكة إيطالية المتحدة.
الحكم الإيطالي
ضمت باذُوَة إلى إيطاليا خلال سنة 1866، كانت في مركز أفقر منطقة في شمال إيطاليا، وهي كانت حالة فينيتو حتى الستينات. ورغم هذا ازدهرت المدينة في العقود التالية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، ومطورةً صناعتها، وصارت سوقاً زراعياً هاماً ومركز ثقافي وتكنولوجي ذو أهمية بالغة كما الجامعة. استضافت المدينة أيضا قيادة عسكرية رئسية والعديد من الأفواج.
القرن العشرين
عند دخول إيطاليا الحرب العالمية الأولى في 24 مايو1915، اختيرت باذُوَة كمقر لقيادة الجيش الإيطالي الرئيسية. أقام الملك فيتوريو إمانويلي الثالثولويجي كادورنا القائد العام في باذُوَة خلال فترة الحرب. بعد هزيمة إيطاليا في معركة كابوريتو خريف سنة 1917، كان خط الجبهة يقع على نهر بيافي. وهو لا يبعد عن باذُوَة سوى 50 - 60 كم، وصارت المدينة آنذاك في مرمى المدفعية النمساوية. بيد أن القيادة العسكرية الإيطالية لم ينسحب. وقُصفت المدينة عدة مرات (قتل حوالي 100 مدني). وتذكر رحلة الشاعر غابرييلي دانونسيو الجريئية إلى فيينا من ميدان سان بيلادجو الجوي القريب قائداً 9 طائرات أسقطت آلاف المنشورات الدعائية.
تقدمت الصناعة بقوة خلال الحرب، ما أعطى باذُوَة قاعدةً لمزيد من التطور في فترة ما بعد الحرب. في السنوات التي تلت الحرب العظمى، نمت باذُوَة خارج البلدة التاريخية، متزايدة سكانياً، رغم تفشي الصراعات العمالية والاجتماعية ذلك الوقت.
كنيسة سانتا جوستينا المقابلة لساحة براتو ديلا فالي الكبيرة