تتناول هذه المقالة الخلفيات والأسباب التي ساهمت في اندلاع الثورة السورية. ما بدأ كاحتجاجات سلمية واسعة النطاق في مارس 2011 كجزء من احتجاجات الربيع العربي 2010-2011 التي ترددت أصداؤها في جميع أنحاء العالم العربي، تصاعد في نهاية المطاف إلى حرب أهلية في أعقاب الحملة الوحشية التي شنتها أجهزة أمن نظام الأسد.
وفي حين واصل بشار الأسد تبني المبادئ الاشتراكية للبعث بقوة، فإنه بدأ في توجيه سوريا نحو اقتصاد السوق الاشتراكي من خلال تخفيف قبضة حزب البعث على الاقتصاد وفتح القطاع الخاص. كان الاقتصاد السوري مدعومًا إلى حد كبير بصادرات النفط، مما مكن من تمويل مختلف الصناعات، بما في ذلك الزراعة، والتصنيع، والسياحة. في بداية احتجاجات الربيع العربي واندلاع الثورة السورية عام 2011، كان الوضع الاقتصادي في سوريا مُزريا، مع ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع معدلات البطالة، والفساد، وكان المناخ الاجتماعي والسياسي يتميز بالقمع الشديد. كانت هذه نتيجة مباشرة للتحرير الاقتصادي في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين؛ والذي أدى إلى تفاقم التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، وزيادة الفساد والمحسوبية بين القِلة الحزبية؛ وبالتالي عزل الطبقة المتوسطة والطبقة العاملة بشكل كبير. وقد أدت الاحتكارات الجديدة في القطاع الزراعي التي استحوذ عليها الأوليغارشيون الموالون للحكومة وسوء إدارة الحكومة للجفاف في الفترة من 2006 إلى 2011 إلى تفاقم الظروف المعيشية للفلاحين، مما تسبب في خيبة أمل واسعة النطاق وتفاقم الانقسامات بين الريف والحضر.[2]
العوامل
البطالة
رغم أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن معدل البطالة بلغ 8,1% في عام 2009، فإن خبراء الاقتصاد السوريين يقدرونه بنحو 24,4%. وفي عام 2010، بلغ معدل الفقر الإجمالي 34.3%، في حين بلغ معدل الفقر في المناطق الريفية نحو 62%. انخفض معدل الفقر بين عامي 1997 و2004، لكنه بدأ في الارتفاع في النصف الثاني من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.[3] ووفقا للبنك الدولي، كان أكثر من 20% من السوريين يعيشون في فقر قبل عام 2011. وارتفع معدل الفقر بشكل مطرد منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتدفق اللاجئين، وانخفاض فرص العمل في القطاع الخاص. كانت المنطقة الأكثر فقراً في سوريا قبل عام 2011 هي المنطقة الشمالية الشرقية، وخاصة محافظة الرقة[4] تميزت هذه المنطقة بانخفاض مستويات التنمية والفقر ونقص الفرص الاقتصادية.
بين عامي 2007 و2010، شهدت سوريا أسوأ موجة جفاف لها على الإطلاق، وهو ما أصبح أكثر احتمالاً بسبب تغير المناخ.[5][6] وقد اقترح البعض أن الجفاف تسبب في انهيار الزراعة في سوريا وساهم في زيادة الهجرة، مما أدى إلى تصاعد العنف في عام 2011، على الرغم من أن تحليلات حديثة في مجلّتي (Political Geography) و(Nature) قد شككت في هذه الرواية.[7][8][9]
القمع
وُصفت سوريا البعثية تحت ديكتاتورية بشار الأسد على نطاق واسع بأنها أكثر "دولة بوليسية قمعية" في العالم العربي؛ حيث فرضت مجموعة واسعة من القيود على حركة المدنيين والصحفيين المستقلين والأفراد غير المصرح لهم. تم إنشاء جهاز الدولة البوليسية في السبعينيات من قبل حافظ الأسد الذي أدار ديكتاتورية عسكرية تحت غطاء الحزب البعثي كواجهة مدنية. في قمة النظام، توجد الدائرة المقربة لعائلة الأسد من مختلف العشائر العلوية التي تسيطر على القوات المسلحة وأجهزة المخابرات وتؤثر بشكل كبير على النظام السياسي، مع تكليفها بمهمة تهدئة السكان العامين. بجانب كوريا الشماليةوإريتريا، كان يُدير نظام الأسد أحد أكبر أنظمة الرقابة التي تنظم نقل المعلومات. وصفت منظمة "مراسلون بلا حدود" سوريا بأنها الدولة السادسة الأسوأ في مؤشر حرية الصحافة لعام 2010.[10][11]
بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية لعام 2007 في سوريا بنسبة 99.82% من الأصوات المعلنة، نفذ بشار الأسد العديد من الإجراءات التي زادت من القمع السياسي والثقافي.[12] تم اعتقال العديد من الصحفيين وإغلاق مراكز الصحافة المستقلة. كثّفت الحكومة السورية رقابتها على الإنترنت، حيث حظرت الوصول إلى أكثر من 200 موقع إلكتروني، بما في ذلك مواقع مثل ويكيبيدياويوتيوب. وتم السماح لمراكز الإنترنت بالعمل فقط بعد الحصول على تصريح مسبق من أجهزة المراقبة السورية. في عام 2007، سنّت الحكومة السورية قانونًا يجبر مقاهي الإنترنت على الاحتفاظ بسجلات لجميع التعليقات المنشورة من قبل المستخدمين في المنتديات، بالإضافة إلى عادات التصفح الخاصة بهم. تم اعتقال العديد من الأشخاص الذين استخدموا مقاهي الإنترنت، وظهرت تقارير عن وجود مراكز سجون متخصصة تحتجز المتهمين بـ"جرائم الإنترنت".[13][14]
في نوفمبر 2007، تم حظر فيسبوك في سوريا. وفي ديسمبر، شنت الحكومة السورية حملة قمع واسعة النطاق، واعتقلت أكثر من 30 معارضًا سياسيًا ونشطاء في المجتمع المدني دعوا إلى تغييرات تدريجية في النظام السياسي.[15] بعد عام 2006، وسعت حكومة الأسد حظر السفر ضد العديد من المعارضين والمثقفين والكتاب والفنانين المقيمين في سوريا؛ مما منعهم وعائلاتهم من السفر إلى الخارج. في سبتمبر 2010، وصفت صحيفة "ذي إيكونوميست" الحكومة السورية بأنها "الأكثر انتهاكًا بين الدول العربية" في فرض حظر السفر وتقييد حرية تنقل الأشخاص. وأفادت تقارير بأن أكثر من 400 شخص في سوريا تعرضوا لقيود على السفر من قبل نظام الأسد في عام 2010."[16]
^Ma'oz، Moshe (2022). "15: The Assad dynasty". في Larres، Klaus (المحرر). Dictators and Autocrats: Securing Power across Global Politics. 605 Third Avenue, New York, NY 10158: Routledge. ص. 249–263. DOI:10.4324/9781003100508. ISBN:978-0-367-60786-9. S2CID:239130832.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: مكان (link)
^Ma'oz، Moshe (2022). "15: The Assad dynasty". في Larres، Klaus (المحرر). Dictators and Autocrats: Securing Power across Global Politics. 605 Third Avenue, New York, NY 10158: Routledge. ص. 249–263. DOI:10.4324/9781003100508. ISBN:978-0-367-60786-9. S2CID:239130832.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: مكان (link)Ma'oz, Moshe (2022). "15: The Assad dynasty". In Larres, Klaus (ed.). Dictators and Autocrats: Securing Power across Global Politics. 605 Third Avenue, New York, NY 10158: Routledge. pp. 249–263. doi:10.4324/9781003100508. ISBN978-0-367-60786-9. S2CID239130832.{{cite book}}: CS1 maint: location (link)
^Bowen، Jeremy (2013). "Prologue: Before the Spring". The Arab Uprisings: The People Want the Fall of the Regime. سايمون وشوستر. ص. 14, 15, 51, 118, 210–213, 336, 341. ISBN:9781471129827.
^"RSF". RSF: Reporters Without Borders. مؤرشف من الأصل في 2024-12-13.