تتمثّل سياسة بعد الإنسانية في مجموعة من الأيديولوجيات السياسية التي تعبّر عن الاعتقاد بتعزيز الأفراد البشريين عن طريق العلوم والتكنولوجيا عمومًا.
تاريخها
روّج جوليان هكسلي لمصطلح «بعد الإنسانية» بمعناه الحالي في مقالته لعام 1957 التي تحمل اسم المصطلح ذاته.[1]
انتُخبت ناتاشا فيتا مور عضوًا ممثّلًا في مجلس شيوخ ولاية لوس أنجلوس عن الدائرة الانتخابية الثامنة والعشرين في عام 1992. عملت فيتا مور مع حزب الخضر، لكنها امتلكت برنامجها الانتخابي الخاص المرتبط بـ «بعد الإنسانية». استقالت من منصبها بعد مرور عام واحد، مصرّحةً بأن حزبها «متعصّب لحماية البيئة بشكل جنوني».[2][3]
يعرّف جيمس هيوز المؤسسة التفاؤلية العلمية «النيوليبرالية» التي أسسها الفيلسوف ماكس مور وطُوّرت في تسعينيات القرن الماضي على أنّها أوّل الدعاة المُنظّمين لبعد الإنسانية. يصف هيوز نشوء الرابطة العالمية بعد الإنسانية (دبليو. تي. إيه.) في أواخر تسعينيات القرن الماضي (غُيّر اسمها لاحقًا إلى الإنسانية+) باعتباره رد فعل جزئي على منظور «مناصري التفاؤلية العلمية» فيما يتعلّق بالسوق الحرة. يرى هيوز أنّ «الرابطة العالمية بعد الإنسانية قد جمعت كلًّا من الديمقراطيين الاجتماعيين والنيوليبراليين حول تعريف ديمقراطي ليبرالي لبعد الإنسانية؛ التعريف الذي أُدرج في إعلان بعد الإنسانية». أسهب هيوز متعمّقًا ضمن تفاصيل التيارات السياسية المرتبطة ببعد الإنسانية، ولا سيما التحوّل من بعد الإنسانية الاشتراكية إلى بعد الإنسانية الليبرتارية وبعد الإنسانية اللاسلطوية الرأسمالية في عام 2009. يؤمن هيوز بالادعاء القائل بطرد اليسار من مجلس إدارة الرابطة العالمية بعد الإنسانية، وحصول مناصري الليبرتارية والتفردية على ضمان بالسيطرة على مجتمع بعد الإنسانية بمساعدة من بيتر ثيل؛ إلا أن هيوز مايزال متفائلًا حيال مستقبل تقدّمي تكنولوجي.[4][5]
بدأ حزب طول الأجل –وهو حركة تُوصف بأنها «بعد إنسانية بالكامل» - أعماله التنظيمية في روسيا بقيادة المشاركة في تأسيسه ماريا كونوفالينكو خلال عام 2012، وذلك بهدف بناء حزب سياسي بالاقتراع. أُنشئ برنامج روسي آخر تحت اسم مبادرة 2045؛ إذ أسسها الملياردير ديمتري إتسكوف في عام 2012، وأرفقها بحزب سياسي «التطوّر 2045» يدعو إلى إطالة الحياة وبناء تشخيص أندرويدي.[6][7][8][9]
كتب المستقبلي بيتر روثمان في مجلة الإنسانية+ في شهر يوليو من عام 2014، واصفًا غابرييل روثبلات بأنّه «من المرجّح أن يكون أول مرشح سياسي مناصر لبعد الإنسانية علنيةً في الولايات المتّحدة» وذلك عند ترشّحه لمجلس النوّاب الأمريكي.[10]
أعلن روزلتان استفان في أكتوبر من عام 2014 عن ترشّحه للانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 تحت شعار «حزب بعد الإنسانية». امتلك الحزب أكثر من 1800 عضوًا مع حلول شهر نوفمبر من عام 2019، إذ ترأسه جينادي ستولياروف الثاني. هنالك بعض المجموعات الأخرى التي تستخدم اسم «حزب بعد الإنسانية» في كندا والمملكة المتّحدة وألمانيا.[11][12][13][14][15][16][17][18]
القيم الجوهرية
بيّنت دراسة أجراها البرلمان الأوروبي في عام 2006 أن بعد الإنسانية هي تمثيل سياسي للإيديولوجية القائلة بوجوب استخدام التكنولوجيا والعلوم لتعزيز القدرات البشرية.[19]
يرى آمون تويمان من معهد الأخلاقيات والتكنولوجيات الناشئة (آي. إي. إي. تي.) أن الفلسفات السياسية الداعمة لبعد الإنسانية تشمل كل من المستقبلية الاجتماعية، والتقدّمية التكنولوجية، والليبرتارية التكنولوجية، وبعد الإنسانية اللاسلطوية. يعتقد تويمان بتشكيل هذه الفلسفات مجتمعةً لما يُسمّى بعد الإنسانية السياسية.[20]
يدعم مناصرو التقدّمية التكنولوجية –الذين يُعرفون أيضًا باسم مناصري بعد الإنسانية الديمقراطية- المساواة في الوصول إلى تكنولوجيات تعزيز الإنسان، وذلك بهدف تعزيز المساواة الاجتماعية ومنع التكنولوجيات من توسيع الهوة بين الطبقات الاجتماعية الاقتصادية. وعلى الرغم من ذلك، ينتقد مناصر بعد الإنسانية الليبرتارية رونالد بيلي بعد الإنسانية التي وصفها جيمس هيوز. كتب جيفري بيشوب عن الخلافات بين مناصري بعد الإنسانية فيما يتعلّق بحقوق الفرد والمجتمع قائلًا إنها «التوتر ذاته الذي حاولت الليبرالية الفلسفية التفاوض حوله تاريخيًا»، لكنّ هذا الخلاف التام مع مستقبل ما بعد الإنسان هو خلاف بشأن الحق في اختيار ما ستصبح عليه البشرية. ناصر ودي إيفانز فكرة وضع حقوق ما بعد الإنسان في سلسلة متّصلة بحقوق الحيوان وحقوق الإنسان.[21][22][23][24][25][26][27]
كتب ريكاردو كامبا عن الفكرة القائلة بإمكانية اقتران بعد الإنسانية بالعديد من الآراء السياسية والفلسفية والدينية المختلفة، إذ اعتبر هذا التنوع مكسبًا ما دام مناصرو بعد الإنسانية لا يعطون الأولوية للانتماءات الموجودة بدلًا من العضوية في المنظمات بعد الإنسانية.[28]
الانتقادات
يشكّك بعض مناصرو بعد الإنسانية في استخدام بعد الإنسانية المسيّسة. يعتقد ترومان تشن من مجلّة ستانفورد السياسية أن العديد من مُثل بعد الإنسانية مناهضة للسياسة.[29]
بعد الإنسانية اللاسلطوية
تعدّ بعد الإنسانية اللاسلطوية بمثابة فلسفة تجمع بين اللاسلطوية وبعد الإنسانية. تهتّم هذه الفلسفة بالحرية الاجتماعية والبدنية على التوالي. يعرّف مناصرو بعد الإنسانية اللاسلطوية الحرّية على أنها توسّع قدرة المرء الفردية ليستطيع اختبار العالم من حوله.[30]
تعتمد هذه الفلسفة بشكل كبير على اللاسلطوية الفردية التي تحدّث عنها كل من ويليام غودوين وفولتايرين دو كلير، بالإضافة إلى النسوية الالكترونية التي قدّمتها دونا هاراواي في بيان سايبورغ. تبحث هذه الفلسفة المحيطة بالسلامة الجسدية، والإعاقة، والنوع الاجتماعي، والتنوع العصبي، ونظرية أحرار الجنس، والعلم، والجنسانية؛ بالإضافة إلى تقديمها نقدًا بشأن التمييز ضد المعاقين، والنظام الأبوي المغاير جنسيًا، والبدائية من خلال عدسة لاسلطوية وبعد إنسانية.[31][32][33][34][35][36][37][38][39]
ينتقد مناصرو بعد الإنسانية اللاسلطوية أيضًا الأشكال السلطوية لبعد الإنسانية (مثل بعد الإنسانية الديمقراطية وبعد الإنسانية الليبرتارية) باعتبارها غير مترابطة ولا استمرارية، وذلك بسبب إبقاءها على الدولة والرأسمالية. ينظر مناصرو بعد الإنسانية اللاسلطوية إلى أدوات السلطة باعتبارها غير أخلاقية بطبيعتها، ومتعارضة مع تسارع الحرية الاجتماعية والمادية لجميع الأفراد.[40]
بعد الإنسانية الديمقراطية
صاغ جيمس هيوز مصطلح بعد الإنسانية الديمقراطية في عام 2002، ليشير إلى موقف مناصري بعد الإنسانية (الداعين إلى تطوير واستخدام تكنولوجيات تعزيز الإنسان) الذين يتبنون الآراء السياسية الليبرالية والاجتماعية و/أو الديمقراطية الراديكالية.[41][42][43][43]
الفلسفة
يرى هيوز أن الإيديولوجية «تنبع من التأكيد على الفكرة القائلة بأن البشر سيكونون أكثر سعادةً عمومًا عندما يسيطرون على القوى الطبيعية والاجتماعية المُسيطرة على حياتهم بشكل عقلاني». يعتمد الأساس الأخلاقي لبعد الإنسانية الديمقراطية على قاعدة النفعية ونظرية التشخّص غير المتمحور حول الإنسان. يدعم مناصرو بعد الإنسانية الديمقراطية المساواة في الوصول إلى تكنولوجيات تعزيز الإنسان، وذلك بهدف تعزيز المساواة الاجتماعية ومنع التكنولوجيات من توسيع الهوة بين الطبقات الاجتماعية الاقتصادية. تثير هذه الفلسفة اعتراضات المحافظة الحيوية اليمينية واليسارية، إلا أن هيوز يطمح إلى تشجيع مناصري بعد الإنسانية الديمقراطية وحلفائهم التقدّميين المحتملين على الاتّحاد بصفتهم حركة اجتماعية جديدة، وعلى التأثير على سياسات السياسة الحيوية العامة.[42][44][45][46][47]
^Hughes، James. "The Politics of Transhumanism". changesurfer.com. مؤرشف من الأصل في 2019-08-12. اطلع عليه بتاريخ 2016-08-18. Ironically, Natasha Vita-More was actually elected to Los Angeles public office on the Green Party ticket in 1992. However her platform was "transhumanism" and she quit after one year of her two year term because the Greens were "too far left and too neurotically geared toward environmentalism."
^Benedikter، Roland (4 أبريل 2015). "The Age of Transhumanist Politics – Part II". The Leftist Review. مؤرشف من الأصل في 2018-01-01. اطلع عليه بتاريخ 2015-07-31. The Transhumanist Party is gaining traction also in other parts of the Western world – mainly in Europe so far. Among them are the Tranhumanist Party of the UK, the Transhumanist Party of Germany (Transhumanistische Partei Deutschland) and others, all currently in the process of foundation.
^Volpicelli، Gian (27 مارس 2015). "A Transhumanist Plans to Run for Office in the UK". Motherboard. Vice. مؤرشف من الأصل في 2017-01-01. Twyman intends to stand as an independent MP for the constituency of Kingston, on the radically pro-technology platform of the Transhumanist Party UK (TPUK), of which he's cofounder and leader.
^Volpicelli، Gian (14 يناير 2015). "Transhumanists Are Writing Their Own Manifesto for the UK General Election". Motherboard. Vice. مؤرشف من الأصل في 2016-04-30. As the UK's 2015 general election approaches, you've probably already made up your mind on who knows best about the economy, who you agree with on foreign policy, and who cuts a more leader-like figure. But did you ever wonder who will deliver immortality sooner? If so, there's good news for you, since that's exactly what the UK Transhumanist Party was created for.
^Bromwich، Jonah (19 مايو 2018). "Death of a Biohacker". The New York Times. مؤرشف من الأصل في 2019-11-26. اطلع عليه بتاريخ 2018-06-03. Gennady Stolyarov II, the chairman of the United States Transhumanist Party, a political organization with close to 880 members that supports life extension through science and technology, had been corresponding with Mr. Traywick since November 2015.
^Twyman، Amon (7 أكتوبر 2014). "Transhumanism and Politics". Institute for Ethics and Emerging Technologies. مؤرشف من الأصل في 2016-09-08. I would suggest that the way forward is to view transhumanism as a kind of political vector, axis, or hub rather than a single party or philosophy. In other words, the different political philosophies supportive of transhumanism (e.g. Social Futurism, Techno-Progressivism, Anarcho-Transhumanism, Techno-Libertarianism etc) should be considered to collectively constitute Political Transhumanism.
^Evans، Woody (2015). "Posthuman Rights: Dimensions of Transhuman Worlds". Teknokultura. Universidad Complutense Madrid. ج. 12 ع. 2. DOI:10.5209/rev_TK.2015.v12.n2.49072. مؤرشف من الأصل في 2019-04-25. اطلع عليه بتاريخ 2016-08-16. Consider the state of posthumanism as a domain (*PR*). The careful definition of this domain will be vital in articulating the nature of the relationship between humanity and posthumanity. It will be an asymmetrical relationship, at first heavily favoring humans. It will become, if the posthuman population (and/or their power or influence) grows, a domain in which posthumans may favor themselves at the expense of humans, as humans favor themselves at the expense of animals and machinery within their own domains and networks.
^Bishop، Jeffrey (2010). "Transhumanism, Metaphysics, and the Posthuman God"(PDF). Journal of Medicine and Philosophy. ج. 35 ع. 700–720: 713 and 717. DOI:10.1093/jmp/jhq047. مؤرشف من الأصل(PDF) في 2016-03-04. اطلع عليه بتاريخ 2015-09-22. The tension between the individual and the political that we see within trans- humanist philosophies is precisely the tension that philosophical liberalism historically tried to negotiate." and "[T]o question the posthuman future is to question our liberty to become what we will.
^Hughes، James؛ Roux، Marc (24 يونيو 2009). "On Democratic Transhumanism". Institute for Ethics and Emerging Technologies. مؤرشف من الأصل في 2016-09-08. اطلع عليه بتاريخ 2015-01-13. When I wrote Citizen Cyborg in 2004 we had just begun defining the ideological position that embraced both traditional social democratic values as well as future transhuman possibilities, and we called it 'democratic transhumanism.' Since then, the people in that space have adopted the much more elegant term 'technoprogressive.'
^Dvorsky، George (31 مارس 2012). "J. Hughes on democratic transhumanism, personhood, and AI". Institute for Ethics and Emerging Technologies. مؤرشف من الأصل في 2016-09-08. اطلع عليه بتاريخ 2015-01-13. The term 'democratic transhumanism' distinguishes a biopolitical stance that combines socially liberal or libertarian views (advocating internationalist, secular, free speech, and individual freedom values), with economically egalitarian views (pro-regulation, pro-redistribution, pro-social welfare values), with an openness to the transhuman benefits that science and technology can provide, such as longer lives and expanded abilities. [...] In the last six or seven years the phrase has been supplanted by the descriptor 'technoprogressive' which is used to describe the same basic set of Enlightenment values and policy proposals: Human enhancement technologies, especially anti-aging therapies, should be a priority of publicly financed basic research, be well regulated for safety, and be included in programs of universal health care
^Campa، Riccardo، "Toward a transhumanist politics"، Re-public، مؤرشف من الأصل في 2012-06-14، The central transhumanist idea of self-directed evolution can be coupled with different political, philosophical and religious opinions. Accordingly, we have observed individuals and groups joining the movement from very different persuasions. On one hand such diversity may be an asset in terms of ideas and stimuli, but on the other hand it may involve a practical paralysis, especially when members give priority to their existing affiliations over their belonging to organized transhumanism.{{استشهاد}}: صيانة الاستشهاد: مسار غير صالح (link)
^Chen، Truman (15 ديسمبر 2014). "The Political Vacuity of Transhumanism". Stanford Political Journal. مؤرشف من الأصل في 2020-03-03. Even some transhumanists have criticized the emergence of the Transhumanist Party, questioning the utility of politicizing transhumanist goals. In reality, the ideals the Transhumanist Party embodies are anti-political.
^Hughes, James (2004). Citizen Cyborg: Why Democratic Societies Must Respond to the Redesigned Human of the Future. Westview Press. ISBN:0-8133-4198-1.
^James Hughes (20 يوليو 2005). "On Democratic Transhumanism". The Journal of Geoethical Nanotechnology. مؤرشف من الأصل في 2018-01-16. اطلع عليه بتاريخ 2015-01-13.