منصور آل سيف
الشيخ منصور بن عبد الله حسن آل سيف التاروتي هو أحد أهم خطباء وشيوخ جزيرة تاروت بالقطيف، ولد عام 1876م[1][2][3]، تربى في حجر والديه تربية عالية وزاول في أول عمره الخطابة المنبرية ثم هاجر إلى النجف ودرس عند عدد كبير من علمائها في ذلك الوقت، وكان في مقدمة أساتذته الشيخ أبو الحسن علي الخنيزي كما تتلمذ عليه عدد لا بأس به من فضلاء بلده تاروت والقطيف، كالشيخ علي إبراهيم الفليتي والشيخ محمد علي بن حسن علي الخنيزي والشيخ علي بن يحيى السنابسي التاروتي.[4] كان عالي الهمة قوي العزيمة ثابت الجأش محافظاً على حقوق الوطن وكان أيضاً كريم الأخلاق حسن الصفات حميد الشيم إذا سمع عن إنسان أنه ينال منه ربما يمضي إليه في منزله ويتلطف معه فإذا هو ولي حميم، توفي ليلة الإثنين 19 ديسمبر، 1943م[1][2] وفي صبيحتها شيع تشيعاً باهراً في موكب كبير ودفن في المقبرة الشرقية من مقبرتي تاروت وقد ترك أربعة أولاد ذكوراً وأربعة إناث.[1][2][3][4] أصله ونسبهولد الشيخ منصور بن عبد الله حسن بن ناصر بن علي بن محمد بن أحمد آل بن سيف النعيمي البحراني التاروتي القطيفي[2][3] في أسرة علمية علماؤها أسماؤهم مشهورة فجده ووالد جده كانوا علماء أعلام عدا بني عمومته في القطيف.[5] كانت أسرته وزعيمها حينئذ أخوه الأكبر الحاج سلمان معروفة باليسر، وكان المال الذي يكسبه أخوه من تجارة اللؤلؤة في الهند تصرف في حياة والدهم الحاج عبد الله بن الشيخ حسن. وهذه الحياة الرخية هي التي مكنته من الهجرة إلى النجف للتعلم من تحت منابر العلماء المراجع. تعليمهزاول الخطابة في أوائل عمره وتعلم من الشيخ علي أبو عبد الكريم الخنيزي ثم هاجر إلى النجف فدرس العربية والمنطق والفقه والأصول والكلام. ثم رجع إلى جزيرة تاروت فتزوج ثم عاد إلى محل إقامته بالنجف[2][3]، ودرس علوم الدين ثم رجع مرة أخرى إلى جزيرة تاروت بتاريخ 16 سبتمبر، 1904م[2][3] وبيده الوكالة من قبل الشيخ محمد طه نجف النجفي[6]، بدأ بعد رجوعه من النجف في تعليم الأحكام الشرعية وإرشاد الناس إلى التقليد الصحيح على طريقة الأصوليين فكتب كتاب بطلان تقليد الأموات التي ألّفها جواباً للسؤال الوارد عليه من قبل الحاج منصور الشافعي السيهاتي بتحرير العلامة الشيخ جعفر بن الشيخ محمد العوامي وهي رسالة وجيزة سلسلة عباراتها واضحة الدلالة حسنة الأسلوب.[2][3] زعامته الدينية ومسؤوليته السياسيةرجع الشيخ منصور وبيده الوكالة من الشيخ محمد طه نجف النجفي، وقد كانت الوكالة في ذلك الزمان زعامة دينية في حدود منطقته التي يعيش فيها. كما إن فترة حياته في النجف القصيرة نسبيًّا لم تمكنه من الحصول على درجة الاجتهاد، واكتفى بما يعتقد أنه سيمكنه من أداء دور التعليم على مستوى طلاب العلوم الدينية وعلى مستوى العامة، وقد كانت حياته ثرية بهذا العطاء الذي خدم به المنطقة فتحمل المسؤولية المحلية في خصوص تاروت ونواحيها، كما تحمل مسؤوليته السياسية والشرعية على مستوى المنطقة الشرقية فيما يتعلق بأهلها. وكانت مسؤوليته المحلية تحملها في تصدر العمل الشرعي قبل عودة أكثر علماء تاروت من النجف[7] والعمل يعني إجراء عقود النكاح وإيقاع الطلاق والفصل بين المتخاصمين والنظر في الوصايا والمواريث والتولية على ناقص الأهلية وغير ذلك من حاجات الناس إلى الشرع في حياتهم. إلى جانب تعليم الناس الأمور العبادية، وإرشادهم إلى أحكامها في حدود ما يحتاجونه، فكان مجلسه العلمي متنقلاً من قرية إلى أخرى ومن مجلس إلى مجلس، وأثر عنه أنه إذا استقر به مجلس لم يسأل فيه أحد مسألة شرعية يقول: بسَّطنا -على اللهجة المحلية- أي فتحنا محلنا، ولم يشتر منه أحد. ساعده على أداء هذا الدور علوُّه في النفس وتواضعه مع الآخرين وكان يؤثَر عنه البساطة في التعامل والإحسان إلى المسيء وكثيرون هم الذين أساءوا إليه ولكنه غمرهم بعفوه وحسن تعامله. تحمل الشيخ منصور مسؤوليته السياسية انتقل حكم المنطقة إلى الحاكم الجديد الملك عبد العزيز آل سعود، وصدرت فتوى التكفير بحق الشيعة سكان هذه المنطقة وفرضت عليهم الجزية. كان دخول الملك عبد العزيز بطلب من زعماء المنطقة، وقد قاوموا إغراءات الدولة الاستعمارية القريبة على مرمى حجر منهم بريطانيا العظمى من منطلق نظرة علمائهم إلى عدم جواز تولية غير المسلم على المسلم. إلا إن فتوى تكفير الشيعة وضرورة استتابتهم وتعليمهم الأصول الثلاثة أو تسفيرهم من البلاد كانت كالطوفان الذي اجتاح البلد أصاب جميع أوجه الحياة بالتغيير فأصبحت الشعائر تؤدى بسرية تامة، وفُرضت على الأهالي الجزية تحت عنوان: الجهاد ثم ضوعفت هذه الجزية بعنوان: الجهاد المثنى، وكانت المبالغُ التي تفوق مقدرة الناس والسخرة بديلاً لمن لا يدفع هذه الجزية. فرَّ بعض من الناس إلى البحرين هرباً من هذه الحال، واحتاج الناس من يبلغ احتجاجهم إلى الملك عبد العزيز على ما أصبحوا عليه من ضيق وعناء، فلم يكن ذلك إلا الشيخ منصور مع ثلاثة أخرين معه من القطيف، فطلبوا من الملك أن يطرح عن المكلفين مستحقات الزكاة عن السنوات العجاف السابقة في رسالة الشيخ منصور:
وكان الشيخ منصور يتحدث في كل مجلس عن الأحكام والشرعية، ويعلمها للناس وقد كان يدعو لتقليد الحي و الاعتدال في عقيدة أهل البيت من دون غلو. هذا الخط الذي لم يرق لبعض الناس وكان موضعاً للقطيعة منهم، وتابعهم على ذلك مريد وهكذا عاش الشيخ منصور عاملا بعلمه في التعليم، ولسد حاجة الناس للمسألة الشرعية، والمنافحة عما يعتقده من رجوع للحيِّ في التقليد، ومن الوسطية في الاعتقاد بدون مغالاة في جميع مناطق القطيف وذكره لا زال رطبًا على ألسنة من أدركه إلى أن مات سنة 1943م حسينية آل سيفتعد حسينية منصور آل سيف التي أنشئت عام 1907م أحد أقدم وأهم الحسينيات في المنطقة وتقع بمنطقة الديرة في جزيرة تاروت، ويعتقد أن وجبة المحموص قد ابتدأت منها.[8] تعليمه للّدينتعلم على يد الشيخ منصور عدد كبير من شيوخ المنطقة منهم:[3]
مؤلفاتهألف كتاب واحد فقط وهو أوضح الدلالات على بطلان تقليد الأموات[3]. تشييعه ومما قيل عنهبعد وفاته في ليلة الإثنين 19 ديسمبر، 1943م[2] أقيمت له المأساة في تاروت وقلعة القطيف وأبَّنته الشعراء والأدباء بقصائد وكلمات كما أبَّنه الشيخ فرج بقصيدة نشرها في آخر الجزء الأول من كتاب الأزهار رثائية[2]، معزياً أخاه والشيخ أحمد وجعفر وعبد علي وعلي ومعزياً فيه الشيخ علي أبو الحسن الخنيزي والسيد ماجد العوامي ونظمت أيضاً في تاريخ وفاته هذه الأبيات وفيها تلميح وإشارة إلى تاريخ الزعماء وأولي الفضيلة المفقودين في ذلك العام:[2]
انظر أيضاًمراجع
روابط خارجية |