نقطة زرقاء باهتة (بالإنجليزية: Pale Blue Dot) هي صورة فوتوغرافية لكوكب الأرض التقطها المسبار الفضائيفوياجر 1 في 14 فبراير 1990 من مسافة قياسية تبعد حوالي 6 مليارات كيلومتر عن الأرض، كجزء من مجموعة صور للمجموعة الشمسية.[2][3][4] في الصورة، تظهر الأرض بحجم أقل من البكسل؛ الكوكب يظهر كنقطة صغيرة جداً مقارنة بالفضاء الشاسع، ضمن حزم من ضوء الشمس المتناثر بعدسات الكاميرا.
فوياجر 1، الذي أكمل مهمته الرئيسية وكان يغادر المجموعة الشمسية، قد أمر من قبل ناسا أن يدير كاميرته ويلتقط صورة للأرض عبر مدى كبير جداً من الفضاء، بناءً على طلب الفلكي والمؤلف كارل ساجان.
اختيرت الصورة من أفضل 10 صور علمية وذلك في استفتاء أجراه موقع سبايس كوم سنة 2001.
«من تلك البقعة البعيدة الممتازة قد لا تبدو لكوكب الأرض أي أهمية خاصة. ولكن بالنسبة لنا يختلف الأمر. انظر مرة أخرى إلى هذه النقطة. إنه هناك: الوطن. ها نحن. عليها يوجد كل من تحبه، كل من تعرفه، كل من سمعت عنه، كل إنسان كان موجوداً ًفي أي وقت. هي جملة أفراحنا ومعاناتنا، آلاف الأديان والأيديولوجيّات والمذاهب الإقتصادية الواثقة، كل صياد أو رحالة، كل بطل أو جبان، كل بانٍ أو مدمر للحضارة، كل ملك أو فلاح، كل زوجين شابين متحابين، كل أم وكل أب، كل طفل واعد، كل مخترع ومكتشف، كل معلم للأخلاق، كل سياسي فاسد، كل مشهورٍ، كل قائد أعلى، كل قديس أو آثم في تاريخ نوعنا ... قد عاش هنا - على هذه الذرة من الغبار المُعلقة في شعاع شمس.
يُعد كوكب الأرض مسرحاً صغيراً جداً في ساحة كونية شاسعة. تأمل كل أنهار الدم التي أراقها الجنرالات والأباطرة حتى يصبحوا أسياداً، إذا ما نجحوا في تحقيق المجد والإنتصار، ولفترة وجيزة خاطفة على كسرة ضئيلة من هذه النقطة. وتأمل الأعمال الوحشيَّة اللانهائيَّة التي مارسها سكان أحد أركان هذا العنصر الضئيل على سكان آخرين في ركن آخر، إننا بصعوبة يمكن أن نميزهم بعضهم عن بعض. ترى، ما مدى سوء الفهم بينهم، وما مدى رغبتهم في قتل بعضهم بعضاً، وما مدى اشتعال ما بينهم من كراهية؟ إن نقطة الضوء الباهتة هذه تقف متحدية أوضاعنا المصطنعة وما نتصوره من أهمية ذاتية، فضلاً عما لدينا من أوهام حول وضعنا المتميز في الكون. فكوكبنا ليس سوى بقعة ضئيلة وحيدة في غلاف من الظلام الكوني الفسيح المحيط بنا. وفي هذه الظلمة، وفي وسط هذا الإتساع، لا تبدو أي إشارة خفية أو حتى تلميح إلى أن مساعدة ستأتي من مكان آخر لإنقاذنا من أنفسنا.
إن كوكب الأرض هو العالم الوحيد المعروف حتى الآن كمأوى للحياة. ولا يوجد أي مكان آخر يمكن أن يُهاجر إليه نوعنا في المستقبل القريب. إننا نقدر فحسب على القيام بزيارات، أمّا الإستقرار، فليس بعد. وعلى أي حال، فكوكب الأرض، سواء رضينا أم لم نرض، هو مقامنا. لقد قيل إن علم الفلك خبرة متواضعة تبني الشخصية، وربما لا يوجد توضيح لحماقة تصورات الإنسان أفضل من هذه الصورة المأخوذة عن بعد لعالمنا الصغير. وبالنسبة لي، فإن هذه الصورة تؤكد مسؤوليتنا في التعامل مع بعضنا البعض بمزيد من الرعاية والعطف، ومسؤوليتنا في حماية هذه النقطة الزرقاء الباهتة والاعتزاز بها، فهي الوطن الوحيد الذي عرفناه.» – كارل ساجان، نقطة زرقاء باهتة - رؤية لمستقبل الإنسان في الفضاء