جبل الزيتون (بالعبرية: הַר הַזֵּיתִים) هي سلسلة التلال الجبلية في القدس الشرقية شرق البلدة القديمة وملاصق لها.[3] سُمي الجبل كذلك نسبةً إلى بساتين الزيتون التي كانت تغطي منحدراته في الماضي. توجد في الجزء الجنوبي من الجبل مقبرة سلوان التي كان يدفن بها نخبة مملكة يهوذا القديمة.[4] أما المنحدرات الغربية للجبل التي تطل على القدس فاستُخدمت كمقبرة يهودية لأكثر من 3000 عام وفيها حوالي 150,000 قبر.[5] وعلى قمة الجبل يوجد حي الطور الفلسطيني وهي قرية أصبحت الآن جزءًا من القدس الشرقية.[5]
وقد جذبت عدة عوامل السياح والحجاج إلى جبل الزيتون منها: المشهد الساحر المطل على مدينة القدس من قمته، واعتباره موقع صعود يسوع وموطن قبر مريم العذراء وقبر الناسكة رابعة العدوية، بالإضافة إلى عدد من المواقع التاريخية والدينية الأخرى.[6]
الجغرافيا
جبل الزيتون هو واحد من ثلاث سلاسل من التلال التي تمتد لمسافة 3.5 كيلومتر (2.2 ميل) شرق المدينة القديمة عبر وادي النار. أعلى نقطة في جبل الزيتون هي الطور على ارتفاع 818 مترا (2684 قدما).[7]
تقع البلدة القديمة على أقدامه الغربية وتقع الاغوار على أقدامه الشرقية، لذلك هو يعد نقطة الفصل بين منطقتين مناخيتين مختلفتين.
التاريخ
المقبرة اليهودية على جبل الزيتون بفارق 155 عاما. الخريطة الأولى تعود إلى عام 1858 وتعتبر الأدق وقتها، والأخرى صورة جوية من عام 2013 مأخوذة من الجنوب.
دُفن اليهود في جبل الزيتون العديد منذ العصور التوراتية وحتى اليوم. كانت المقبرة الموجودة على التلال الجنوبية حيث تقع قرية سلوان الحديثة كانت موقع دفن لأبرز مواطني القدس خلال فترة ملوك الكتاب المقدس.[4]
كان يحتفل اليهود في بداية الشهر الجديد على جبل الزيتون في فترة الهيكل الثاني.[9] جمع نبي يهودي يُعرف بـالمصري أتباعه على قمة الجبل استعدادًا لغزو المدينة أو بنية أن يهدم أسوار القدس في عهد الحاكم الروماني أنطونيوس فيلكس (52-60 م)، قضى الرومان على هذه المجموعة وفر المصري بينما قُتل أو أُسر العديد من أتباعه وفر الباقون.[10][11]
نصب جنود الفيلق العاشر فريتينسيسالرومان خيامهم على الجبل خلال حصار القدس في عام 70 م. وبعد تدمير الهيكل الثاني كان اليهود يحتفلون بعيد سوكوت على جبل الزيتون بسبب ارتفاعه عن جبل المعبد المزعوم بـ 80 مترًا، وأصبح المكان يعرف بين اليهود بالحداد على تدمير الهيكل، خاصة في ذكرى خراب الهيكل.[9] كتب الحاج اليهودي الإيطالي ميشولام من فولتيرا في عام 1481: «وتصعد كل جماعة من اليهود كل عام إلى جبل صهيون في يوم تيشا بآف (ذكرى الهيكل) للصوم والحداد ثم ينزلون عبر وادي يوشافات (وادي النار) ويصعدون إلى جبل الزيتون. ومن هناك يطلون على الهيكل كله (جبل الهيكل) ويبكون وينتحبون على تدمير هذا البيت».[12]
كان سكان سلوان يتلقون 100 جنيه إسترليني سنويًا من اليهود لكي لا يعترضوا للقبور الموجود على الجبل في منتصف القرن التاسع عشر.[13]
اتفق في اتفاقية الهدنة التي وقعت بين إسرائيل والأردن بعد حرب 1948 على تشكيل لجنة خاصة للتفاوض حول حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة والمؤسسات الثقافية واستخدام مقبرة جبل الزيتون. لكن لم تشكل هذه اللجنة في السنوات التسع عشرة الإدارة الأردنية للضفة الغربية. سُمح للحجاج المسيحيين غير الإسرائيليين بزيارة المنطقة الأردنية، بينما منع اليهود من جميع البلدان ومعظم المواطنين الإسرائيليين غير اليهود من دخول الأردن.[15][16][17]
قام بعض السكان العرب بنبش شواهد القبور وحرث الأرض في المقابر في فترة الحكم الأردني تضرر ما يُقدر بحوالي 38,000 شاهد قبر. خلال هذه الفترة بني طريق فوق المقبرة،[18] وبني فندق الأقواس السبعة على قمة الجبل في عام 1964 وهدمت القبور لإنشاء مواقف للسيارات ومحطة وقود،[19] يزعم المؤلفون الإسرائليون استخد الجيش الأردني لشواهد القبور في المراحيض.[20][21][22][23] لم تُدين الأمم المتحدة الحكومة الأردنية على هذه الأعمال المزعومة.[24]
الحكم الإسرائيلي
رمم الإسرائليون المقبرة بعد حرب الأيام الستة عام 1967 وضمت القدس الشرقية لها في عام 1980، وهو انتهاك للقانون الدولي وحكم عليه مجلس الأمن الدولي في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 478 بأنه لاغ وباطل.
تقع في الطور أهم المرافق الصّحية الفلسطينيّة في مدينة القدس، ومنها مستشفى المقاصدومستشفى المطلع ومركز الأميرة بسمة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة. تتعرض القرية للعديد من الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية.
ترفض بلدية الاحتلال بشكل ممنهج منح تراخيص بناء للفلسطينيين في جبل الزيتون، مما أضاف المزيد من القيود على سكان القرية الذين تتزايد أعدادهم بشكل كبير. تضع سياسة عدم منح تراخيص البناء «الإسرائيلية» الفلسطينيين في الطور أمام خيارين: البناء بشكل غير قانوني أو الانتقال إلى مكان آخر خارج القدس. وفيما يعتبر الخيار الأول الحجة المفضلة لسلطات الاحتلال لتنفيذ أوامر الهدم بحق المنازل الفلسطينيّة يعبر الخيار الثاني عن وسيلة «إسرائيلية» بيروقراطية تهدف إلى التطهير العرقي للفلسطينيين في القدس إذ تؤدي في نهاية الأمر إلى فقدان أولئك الذين قرروا الانتقال لبطاقات إقامتهم «الإسرائيلية» في القدس. وقد أثرت قيود البناء هذه على البنية التحتية المتداعية، وساهمت في خلق ظروف معيشية غير صحية في الأحياء المكتظة.
قامت سلطات الاحتلال في نيسان2013 بهدم ثلاثة منازل فلسطينية في جبل الزيتون كان أصحابها قد قضوا شهورًا طويلة وهم يوفرون الأوراق الرسميّة لبلدية الاحتلال وبشكل مباشر للجنة التخطيط والبناء للحصول على التراخيص، ولكن طلبهم رفض في نهاية الأمر.
المستوطنات
ادعت بلدية الاحتلال في القدس في مناسبات عدة أنها غير قادرة على بناء مدارس في الطور بسبب نقص الأراضي المفتوحة والمناسبة لهذا الغرض. لكن الواقع يكشف زيف هذا الادعاء، فقد أعطيت في العام 1990 أرض مقابلة لمستشفى المطلع لجماعة استيطانية بغرض بناء مدرسة يهودية دينية. تعكس هذه الواقعة سياسة ممنهجة يتم وفقها منع الفلسطينيّين من البناء بينما تتاح كلّ السبل من أجل تسهيل التوسع والنمو الاستيطانيّ. فبينما ترفض طلبات الفلسطينيّين لرخص البناء أقرت السلطات «الإسرائيلية» على سبيل المثال عام 2010 تم بناء 24 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «بيت أوروت» الواقعة على الطرف الشمالي لجبل الزيتون.
بالإضافة إلى ذلك فإن عدداً من البيوت الفلسطينيّة في جبل الزيتون قد وقعت بأيدي جماعات استيطانية حوّلتها إلى بؤر استيطانية وسط حيّ فلسطيني. وتعني زيادة الاستيطان في جبل الزيتون بشكل أو بآخر زيادة التواجد العسكري والشرطي في هذه المنطقة. وبالتالي فإن سكان القرية يعانون من اعتداءات وتحرشات واعتقالات ل لأطفال من قبل قوات الاحتلال التي تتواجد غالباً لتأمين حركة المستوطنين داخل القرية.
في العام 2012 قامت اللجنة اللوائية للتخطيط التابعة لوزارة الداخلية «الإسرائيلية» بالمصادقة على الخطة رقم 51870 والتي تؤسس لبناء كلية عسكرية «إسرائيلية» على مساحة 41.5 دونماً فوق منحدرات جبل الزيتون، والتي ستكمل الحلقة الاستيطانية التي تحيط بالبلدة القديمة.
الاعتقالات والاعتداءات
تعتبر الاعتداءات ضدّ أهالي القرية من قبل الاحتلال أمراً مألوفاً ومتكرراً. في أيار2013 أصيب 7 أطفال بالاختناق من الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الاحتلال باتجاههم. وقد وقع الكثير من الأطفال في جبل الزيتون ضحية اعتقالات شرطة الاحتلال حيث تقتحم الأخيرة منازلهم في منتصف الليل وتحقق معهم بدون تواجد أهاليهم، وهو إجراء مخالف حتى للقانون «الإسرائيلي» نفسه.
الأهمية الدينية
العهد القديم
داود وأبشالوم
يذكر جبل الزيتون في العهد القديم «وأما داود فصعد في مصعد جبل الزيتون. كان يصعد باكيا ورأسه مغطى ويمشي حافيا، وجميع الشعب الذين معه غطوا كل واحد رأسه، وكانوا يصعدون وهم يبكون» (صموئيل الثاني 15:30).[3]
موقع مجد الرب
يذكر سفر حزقيال (11: 23) الجبل ضمنيا «وَصَعِدَ مَجْدُ الرَّبِّ مِنْ عَلَى وَسْطِ الْمَدِينَةِ وَوَقَفَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي عَلَى شَرْقِيِّ الْمَدِينَةِ.»[3]
نهاية العالم والقيامة والدفن
تشير نبوءة في سفر زكريا إلى أن يهوه سيقف على جبل الزيتون وأن الجبل سينشق إلى نصفين، حيث ينتقل نصفه إلى الشمال والآخر إلى الجنوب (زكريا 14: 4). تذكر المخطوطات الماسورتية فرار الناس عبر الوادي الجديد إلى مكان يُدعى آزال (زكريا 14: 5). تقدم الترجمة السبعينية قراءة مغايرة لزكريا 14: 5 فتشير إلى أن الوادي سيسد كما سُد في الزلزال الذي وقع في عهد الملك عزيا. يُسجل المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس في عاديات اليهود أن الوادي بحي البستان كان مُسدودًا بسبب الانهيارات الأرضية أثناء زلزال عزيا.[29] حدد الجيولوجيان الإسرائيليان واكس وليفيت آثار انهيار أرضي كبير على جبل الزيتون المحاذي لهذه المنطقة.[30] استنادًا إلى الأدلة الجغرافية واللغوية افترض تشارلز سيمون كليرمون جانو عالم اللغويات والآثار في القرن التاسع عشر في فلسطين أن الوادي المجاور لهذا الانهيار هو وادي آزال.[31]
العهد الجديد
جبل الزيتون مذكور بكثرة في العهد الجديد[32] فهو جزء من الطريق من أورشليم إلى بيت عنيا والموقع الذي وقف فيه يسوع وبكى على أورشليم في الحدث المعروف بـ Flevit super illam باللاتينية.
يُروى أن يسوع أمضى أوقاتاً على الجبل يُعلم تلاميذه ويُنبئهم (متى 24-25) وكان يعود للراحة بعد انقضاء اليوم (لوقا 21:37، ويوحنا 8:1 في القسم المُضاف إلى إنجيل يوحنا المعروف بـ Pericope Adulterae)، وزار المكان أيضاً في ليلة خيانته.[33] عند سفح الجبل يقع بستان جثسيماني حيث يذكر العهد الجديد أن يسوع وتلاميذه زاروا الجبل «ثُمَّ رَتَّلُوا، وَانْطَلَقُوا خَارِجاً إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ.» (إنجيل متى 26:30). ومن جبل الزيتون صعد المسيح إلى السماء وفقاً لأعمال الرسل 1:9-12.
المراجع الغنوصية
تظهر قصة يسوع مع تلاميذه على جبل الزيتون في النص الغنوصي Pistis Sophia، الذي يعود تاريخه إلى القرن الثالث أو الرابع الميلادي.[34]
المعالم
تضم قمة جبل الزيتون معالم مثل مستشفى المطلعوكنيسة الصعود اللوثرية ببرج جرسها العملاق الذي يصل ارتفاعه إلى 50 مترًا، وكنيسة الصعود الأرثوذكسية الروسية ببرج جرسها الرفيع وكنيسة باتر نوستروفندق الأقواس السبعة. وعلى المنحدر الغربي للجبل تقع المقبرة اليهودية التاريخية والكنيسة الكاثوليكية لدومينوس فليفيت وكنيسة مريم المجدلية الأرثوذكسية الروسية. بالقرب من سفح الجبل توجد حديقة جثسيمانيوكنيسة كل الأمم. في وادي النار يقع قبر مريم العذراء ومغارة جثسيماني وقبر مؤرخ العصور الوسطى مجير الدين الحنبلي. على الحافة الشمالية للجبل توجد جامعة المورمون مع حديقة أورسون هايد التذكارية ومستوطنة بيت أوروت اليهودية المحاذية لوادي تسوريم وموقع متسبيه حماسعوت.[35][36] على المنحدر الجنوبي الشرقي لجبل الزيتون تقع قرية بيت عبرة العربية الفلسطينية والمذكورة في العهد الجديد. وعلى مقربة من وسط القرية توجد كنيسة فرنسيسكانية.[35]
بني مركز القدس لدراسات الشرق الأدنى التابع لجامعة بريغهام يونغ الذي تملكه وتديره كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة (المورمون) بالقرب من وادي تسوريم خافت إسرائيل في البداية أن ينغرط المورمون في الأنشطة التبشيرية، لكن اكتمل المبنى بعد التزام المورمون بعدم التبشير في إسرائيل.[37]
^ ابجHar-El, Menashe (1977). This is Jerusalem. Jerusalem: Canaan Publishing House. ص. 117.
^ ابUssishkin, David (مايو 1970). "The Necropolis from the Time of the Kingdom of Judah at Silwan, Jerusalem". The Biblical Archaeologist. ج. 33 ع. 2: 33–46. DOI:10.2307/3211026. JSTOR:3211026. S2CID:165984075.
^Nom de Deu، J. (1987). Relatos de Viajes y Epistolas de Peregrinos Jud.os a Jerusalén. Madrid. ص. 82.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link)
^To Rule Jerusalem By Roger Friedland, Richard Hecht, 2000, p. 39, "Tourists entering East Jerusalem had to present baptismal certificates or other proof they were not Jewish."
^Thomas A Idinopulos, Jerusalem, 1994, p. 300, "So severe were the Jordanian restrictions against Jews gaining access to the old city that visitors wishing to cross over from west Jerusalem...had to produce a baptismal certificate."
^Armstrong, Karen, Jerusalem: One City, Three Faiths, 1997, "Only clergy, diplomats, UN personnel, and a few privileged tourists were permitted to go from one side to the other. The Jordanians required most tourists to produce baptismal certificates—to prove they were not Jewish ... ."
^Har-El, Menashe. Golden Jerusalem, Gefen Publishing House Ltd, 2004, p. 126. (ردمك 965-229-254-0). "The majority (50,000 of the 70,000) was desecrated by the Arabs during the nineteen years of Jordanian rule in eastern Jerusalem." نسخة محفوظة 2023-10-31 على موقع واي باك مشين.
^Daniel Wachs and Dov Levitte, Earthquake Risk and Slope Stability in Jerusalem, Environmental Geology and Water Sciences, Vol. 6, No. 3, pp. 183–86, 1984