وقع حصار أنطاكية عام 1268، عندما نجح المماليك بقيادة بيبرس أخيرًا في الاستيلاء على مدينة أنطاكية. قبل الحصار، كانت الإمارة الصليبية غافلةً عن خسارة المدينة، كما ظهر عندما أرسل بيبرس مفاوضين إلى قائد الدولة الصليبية السابقة، وسخر من استخدامه لـ «أمير» في لقب أمير أنطاكية.
كما يروي ستيفن رونسيمان في كتابه الأخير عن الحروب الصليبية: قبل عقود من حصار أنطاكية عام 1268، استقر الأمير بوهيموند الرابع ملك أنطاكية في مدينة طرابلس، عاصمة ولايته الأخرى، في مقاطعة طرابلس. وفي عام 1268، كان فرسان وحامية أنطاكية تحت قيادة سيمون مانسيل حاكم قلعة أنطاكية، والذي كانت زوجته سيدة أرمنية كانت قريبة لسيبيلا من أرمينيا، زوجة الأمير بوهيموند السادس.
حصار أنطاكية
في عام 1268 حاصر بيبرسمدينة أنطاكية التي دافع عنها البطريرك بشدة وهجرها معظم سكانها،[1] واسترجعها في 18 أيار (سقطت القلعة بعد يومين) بعد دفاع ضعيف نسبيًا.[2] كانت أنطاكية قد أُضعفَت بسبب صراعاتها السابقة مع أرمينيا، وصراعات السلطة الداخلية، وسارع سكانها إلى الموافقة على الاستسلام، بشرط الحفاظ على حياة المواطنين داخل الجدران.
قبل أن تحاصر قوات بيبرسأنطاكية، قاد حاكم القلعة سيمون مانسيل، مع مجموعة من الفرسان، هجومًا فاشلًا ضد الجيش الإسلامي حتى لا يتم تطويق المدينة. كانت الدفاعات في حالة جيدة، لكن الحامية لم تكن قادرة على الدفاع عن أسوار المدينة الطويلة. قُبِض على مانسيل خلال هجوم سلاح الفرسان الأنطاكي، وأمره بيبرس بأمر مساعديه في أنطاكية بالاستسلام على الفور، وحقن الدماء. رفضَت الحامية الاستسلام وواصلت الدفاع عن الجدران، حتى سقطَت.
وجَّه الظاهر بيبرس خطابًا لبوهيموند السادس قبل دخوله أنطاكية، وهنَّأه لأنه لم يكن موجودًا وقت الحصار، ثم أنذره بشر ما كسبَت أيديهم في الشرق:[3]
«قد علم الملك الجليل، المبجل، المعزز، الهمام، الأسد الضرغام، فخر الأمة المسيحية، رئيس الطائفة الصليبية، كبير الأمة العيسوية، بوهيموند، ألهمه الله رشده، وقرن بالخير قصده، وجعل النصيحة محفوظةً عنده، ما كان من قصدنا طرابلس، وغزونا له في عقر داره، وما شاهده بعد رحيلنا من خراب العمائر، وهدم الأعمار، وكيف كُنسَت الكنائس من على بساط الأرض، ودارت الدوائر على كل دار، وكيف جعلت تلك الجزائر من الأجساد على ساحل البحر كالجزائر، وكيف قتلت الرجال، واستخدمت الأولاد، وتملكت الحرائر، وكيف قطعت الأشجار، ولم يترك إلا ما يصلح لأعواد المجانيق - إن شاء الله - والستائر، وكيف نهبت لك ولرعيتك الأموال والحريم والأولاد والمواشي، وكيف استغنى الفقير، وتأهل العازب، واستخدم الخديم ،وركب الماشي، هذا وأنت تنظر نظر المغشي عليه من الموت»
كانت الرسالة ردًّا قاسيًا على مذبحة أنطاكية عام 1098، حيث كانت أنطاكية أول مدينة تسقط على أيدي الصليبيين، وأول إمارة لهم في الشرق؛ وكان حافز حصارها هو تحالف الصليبيينوالأرمن مع المغول ضد المسلمين في معركة عين جالوت.
في آذار 1287 استكمل السلطان قلاوون المعارك لاسترداد الأراضي، وطرد الغزاة، فاسترد اللاذقية، و بعدها بسنتين وقعت طرابلس، ثم فتح خليل بن قلاوون من بعده عكا عام 1291، مُنهيًا بذلك الغزو الصليبي الذي بدأ 1098، وتسبب بالدمار والخراب ومذابح تُقدَّر بـ6 مليون إنسان.[5]
^تم اقتباس الرسالة من فرانشيسكو غابرييلي ، المؤرخون العرب للحروب الصليبية (بيركلي ولوس أنجلوس: مطبعة جامعة كاليفورنيا ، 1984) ، 310 ؛ ريتشارد وبريل ، الحروب الصليبية 419 ؛ ميشود ، تاريخ الحروب الصليبية ، المجلد. 3 ، ص. 18.