قبيلة ردمان
قبيلة ردمان هي قبيلة يمنية قديمة تعود أصولها إلى ردمان بن الغوث بن أيمن بن الهَمَيسع بن حِمير. ذُكرت في النقوش اليمنية القديمة، بما في ذلك النقوش القتبانية والسبئية والحميرية. من أبرز فروعها قبيلة الأملوك وقبيلة قرن، التي ينتمي إليها أويس القرني، أحد أشهر التابعين. استوطنت القبيلة مناطق في محافظة البيضاء وامتدت إلى بيحان، وعُرفت بمخلاف ردمان. بسبب التحالفات القبلية والتغيرات التاريخية، ارتبطت قبيلة ردمان بقبائل أخرى مثل مراد ومذحج، مما أدى إلى تنوع في النسب والانتماءات.[1][2][3][4][5]
النسبردمان بن وائل بن ذو رعين بن زيد الجمهور بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حِمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام.[1][2][6][7] أقوال أخرىبعض النسّابة ينسبون ردمان إلى:[2][7] ناجية بن مراد بن مالك (مذحج) بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام. سبب الخلافنُسبت قبيلة ردمان إلى مراد لعدة أسباب، منها:
نزوح مذحج
بعد نزوحها، استوطنت مذحج في البيضاء، والتي كانت بالأصل من أراضي ذو رعين. نتيجة لذلك، دخلت قبيلة قرن الردمانية ضمن مذحج وانتسبت إليها، ومن هذه القبيلة خرج أويس القرني.[1][2][3][7] فروع قبيلة ردمانأغلب هذه القبائل دخلت في أحلاف وانتسبت إليها، باستثناء قبيلة الأملوك التي لا تزال متمسكة بحميريتها. الأملوك[1]قبيلة الأملوك هي قبيلة المليكي المنتشرة في إب وتعز والمحويت ولحج والبيضاء وبرط (الجوف)، ومنهم من هاجر إلى شمال إفريقيا في زمن الفتوحات الإسلامية. لا يزال أغلبهم ينتسبون إلى حمير، باستثناء فئة بسيطة في البيضاء تنتسب إلى قيفة مراد. وقد ذكرهم عمر بن يوسف بن رسول في كتابه طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب:[6] “ومن ذي رعين الأملوك بن شرحبيل، وهم الذين يقال لهم الملكيُّون بردمان قيفة.”[6] كما ورد عنهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم صل على الأملوك أملوك ردمان” [8] وقد ذُكرت الأملوك مقرونة برُدمان في نقش قتباني يعود للقرن الرابع قبل الميلاد، في فترة تأسيس مملكة قتبان. النقش (RES 3787) تم ترجمته وشرحه من قبل المؤرخ جواد علي.[4] قتبان[1]قبيلة قتبان هي القبيلة المالكة لمملكة قتبان. نسبة إلى قتبان (بكسر القاف)، ابن ردمان، وهو بطن من ذي رعين.[8][9] شاركت قتبان في الفتوحات الإسلامية بمصر إلى جانب قبائل ذو رعين، وبرز منهم العديد من القضاة الذين ذُكرهم شمس الدين القيسي الدمشقي.[9][10] قرن[1]ذكر الهمداني أن قنيان ولد قرناً، فدخلوا في مراد، ومنهم أويس القرني وأمه من كُدادة من مراد.[1] أما هشام بن الكلبي فقال: “ردمان من حمير دخلوا في ناجية بن مراد. وأولد ردمان قانية وقرناً، وهم ثلاثة أبطن. ومن قرن أويس، وهو أويس القرني خير التابعين.”[2] وفي كتاب الأنساب لـالصحاري، ورد أن: “ردمان من وائل من الهميسع، وقرن من ردمان. وقيل: إنهم من مراد، ومنهم أويس القرني.[7]” كما قال نشوان الحميري: “قرن من حمير دخلوا في ناجية مراد.”[11] عندما ذهب أويس القرني إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كانت قبيلة قرن في حلف مع مراد. ولهذا، ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن أويس من مراد، لأن حليف القوم منهم.[12] حكم الانتساب للحلفإذا انضم الإنسان إلى قبيلة بالحلف أو الولاء، جاز أن ينتسب إليها، كما يجوز أن ينتسب إلى قبيلته الأصلية أو أن يجمع بينهما؛ لأن حليف القوم منهم، كما ورد في الحديث. روى الطبراني في المعجم الكبير (17/12) عن عَمْرِو بْنِ عَوْفِ الْمُزَنِيِّ:[13] “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قاعدًا معهم فدخل بيته، وقال: ادخلوا عليَّ ولا يدخلن عليَّ إلا قرشيٌّ. فتسللت فدخلت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر قريش، هل بينكم أحدٌ ليس منكم؟ قالوا: نخبرك يا رسول الله، بآبائنا أنت وأمهاتنا، معنا ابن الأخت والمولى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حليف القوم منهم، ومولى القوم منهم، وابن أخت القوم منهم.”[12][14] صحح الحديث الألباني في صحيح الجامع برقم (3156).[12] مفهوم الانتساب بالحلفهذا الأمر كان شائعًا في العصور القديمة، حيث يُنسب الشخص أحيانًا إلى قبيلة بالحلف أو الولاء دون الإشارة إلى ذلك، بينما يُذكر أحيانًا أخرى كحليف أو مولى لقبيلة معينة. من أمثلة ذلك:حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه:
تطبيق هذا الحكم على أويس القرنيوبذلك، لا إشكال في انتساب أويس القرني إلى مراد، إذا كان ابن أختهم وقبيلته حليفًا لهم، وفق القاعدة النبوية: “حليف القوم منهم.” الأسروع[1]قبيلة الأسروع هم بنو سارع، حي من ردمان. حديثًا، يُطلق اسمهم على بلاد ناحية السوادية، والاسم ما زال يُستخدم للإشارة إلى بلاد سارع الواقعة شرق شمال مدينة رداع.[15] وقد أشار إبراهيم المقحفي في كتابه معجم البلدان والقبائل اليمنية إلى أن الأسروع قبيلة من ردمان، وما زال لهم بقية في السوادية. كما ذكر وجود أفراد منهم في المحويت، يُعرفون بـ”آل سميع”.[15] تفرق قبائل ردمانهجرة قبائل ردمان إلى مناطق مختلفةبحسب المؤرخين والمصادر التاريخية، فإن تفرق قبائل ردمان جاء كنتيجة لأحداث وتحولات تاريخية أثرت على القبائل اليمنية بشكل عام. قبيلة ردمان، التي كانت جزءًا أساسيًا من مملكة قتبان، تعرضت للضعف والسقوط بعد تدهور المملكة في القرن الثاني الميلادي، مما دفع بعض فروعها إلى الهجرة للبحث عن مواقع جديدة والاستقرار مع حلفاء من القبائل الحميرية ومذحج. هجرة ردمان إلى قاع ذو رعين وتأسيس حلف الريدانيينذكر المؤرخون المستشرقون أن قبيلة ردمان، بعد ضعفها، انتقلت مع قبائل أخرى إلى قاع ذو رعين في إب، حيث انضمت إلى حلف الريدانيين، الذي سُمي نسبة إلى جبل ريدان، موطنهم الأصلي. وقد كان هذا الحلف بداية لتأسيس مملكة ذو ريدان، التي تطورت لاحقًا إلى مملكة حمير. القبائل المشاركة في هذا الحلف شملت ردمان، بني شداد (من خولان)، العود (من ذو أصبح)، ميتم، والمعافر، وغيرها من القبائل الحميرية التي ذكرتها النقوش القتبانية.[3][16] اندماج ردمان مع مذحجبعد نزوح قبائل مذحج من الجوف ونجران بفعل الحروب التي شنها الملك امرؤ القيس المنذري، استقرت مذحج في البيضاء، التي كانت من أراضي ذو رعين. وخلال هذه الفترة، انضمت قبيلة قرن الردمانية، أحد فروع ردمان، إلى ناجية من مراد ودخلت ضمن تحالفات مذحج. وقد ساهم هذا التحالف في نسب بعض الفروع من قبيلة ردمان إلى مذحج، مثل قرن الردمانية والأملوك.[3] ردمان في الفتوحات الإسلاميةرغم هذه التحولات، احتفظت قبيلة ردمان بهويتها الحميرية. وقد ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في رسالته إلى ملوك حمير، ومنها “الأملوك أملوك ردمان”. شاركت قبيلة الأملوك، أحد فروع ردمان، في الفتوحات الإسلامية ضمن كتائب حمير بقيادة ذو الكلاع الحميري، وهو ما يؤكد انتماءها الحميري.[8] الهجرة بسبب الحروببحسب جواد علي وغيره من المؤرخين، فإن حملات الملك امرؤ القيس المنذري في القرن الثالث الميلادي ضد مذحج وكندة أدت إلى نزوحهم من مواطنهم الأصلية في نجران والجوف إلى جنوب اليمن. هذه الأحداث أثرت كذلك على ردمان، التي تفرقت بين مناطق الجنوب، مثل البيضاء، وسرو مذحج، وقاع ذو رعين.[3][17] الخلاصةتفرق قبائل ردمان كان نتيجة طبيعية للتحولات السياسية والحروب التي أثرت على مملكة قتبان ووسط الجزيرة العربية. اندماجها مع مذحج أو استقرارها في مناطق حميرية لا ينفي هويتها الأصلية كقبيلة حميرية عريقة. وقد استمر ذكرها في النقوش والكتب التاريخية بما يثبت أصولها ودورها في تشكيل الممالك اليمنية القديمة. ردمان في النقوش اليمنيةتم ذكر ردمان بشكل متكرر في النقوش اليمنية القديمة، حيث وردت كقبيلة 72 مرة:[5]
أرض ردمانردمان (بفتح أوله وآخره نون) كان يُطلق قديمًا على منطقة واسعة تمتد من نجد الجاح شرقي مدينة رداع على مسافة ساعتين أو ثلاث ساعات، وصولًا إلى ما يقارب قانية على حدود حريب.[1] في الوقت الحالي، يُطلق الاسم على بلاد ناحية السوادية، وأيضًا على بلاد سارع الواقعة شمال شرق مدينة رداع، حيث لا يزال اسما ردمان وسارع محفوظين.[1] كانت ردمان قديمًا مركزًا لمملكة كبيرة تحتوي على آثار عظيمة ذكرها الهمداني، وكُشف عنها النقاب مؤخرًا. وقد ارتبطت رحلة قريش الشتوية بهذه المنطقة، كما ورد في سورة لإيلاف قريش. ويُقال إن قبر المطلب بن عبد مناف موجود في ردمان، حيث قال مطردُ بن كعب الخزاعي يمدح بني عبد مناف:[1] "أخلصهم عبد مناف فهم من لوم من لام بمنجاة قبر بردمان وقبر[1] بسلمان وقبر عند غزّات وميست مات قريبًا من الحج سون من شرق البُنيّات”[1] ردمان أيضًا ارتبطت باسم قاع الديلمي، وشهدت الواقعة المشهورة بين الملك الصالح الكامل أبي الحسن علي بن محمد الصليحي وأبي الفتح الديلمي، التي انتهت بمقتل الأخير ومن معه في سنة 444هـ (أو في روايات أخرى بتواريخ مختلفة). وقد قال شاعر الملك الصالح عن هذه الواقعة:[1][15] “وكأن قسطلها بردمان التي عبرت على غير دخان فج”[1] مراجع
|