كان عالم الديار المصرية في عصره مع المزني. وثقه النسائي وقال مرة لا بأس به. قال إمام الأئمة ابن خزيمة: «ما رأيت في فقهاء الإسلام أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين من محمد بن عبد الله بن عبد الحكم.. كان أعلم من رأيت على أديم الأرض بمذهب مالك، وأحفظهم له، سمعته يقول كنت أتعجب ممن يقول في المسائل لا أدري... وأما الإسناد فلم يكن يحفظه ، وكان من أصحاب الشافعي، وكان ممن يتكلم فيه، فوقعت بينه وبين البويطي وحشة في مرض الشافعي، فحدثني أبو جعفر السكري صديق الربيع، قال لما مرض الشافعي رحمه الله، جاء ابن عبد الحكم ينازع البويطي في مجلس الشافعي، فقال البويطي أنا أحق به منك، فجاء الحميدي وكان بمصر، فقال قال الشافعي ليس أحد أحق بمجلسي من البويطي، وليس أحد من أصحابي أعلم منه، فقال له ابن عبد الحكم كذبت، فقال الحميدي كذبت أنت وأبوك وأمك، وغضب ابن عبد الحكم فترك مجلس الشافعي ». قال أبو إبراهيم المزني: «نظر الشافعي إلى محمد بن عبد الله بن عبد الحكم وقد ركب دابته، فأتبعه بصره، وقال وددت أن لي ولدا مثله، وعلي ألف دينار لا أجد قضاءها». قال ابن أبي حاتم: «ابن عبد الحكم ثقة صدوق، أحد فقهاء مصر، من أصحاب مالك». قال الذهبي: «قد تفقه بمالك، ولزمه مدة، وهو أيضا في عداد أصحابه الكبار». وله مصنف في أدب القضاة.[1]
محنته
وقد نالته محنة صعبة مرت عليه، قال أبو سعيد بن يونس: عذب عبد الحكم في السجن، ودخن عليه، فمات في سنة سبع وثلاثين ومائتين، لكونه اتهم بودائع لعلي بن الجروي. قال ابن أبي دليم: لم يكن في الإخوة أفقه من عبد الحكم، وقيل إن بني عبد الحكم، غرموا في نوبة ابن الجروي أكثر من ألف ألف دينار، استصفيت أموالهم، ونهبت منازلهم، ثم بعد مدة أطلقهم المتوكل، ورد إليهم البعض، وسجن القاضي الأصم الذي ظلمهم، وحلقت لحيته وضرب، وطيف به على حمار .
وفاته
قال ابن يونس مات محمد في يوم الأربعاء نصف ذي القعدة سنة 268 هـ، وصلى عليه القاضي بكار بن قتيبة .