العرب: 3000 عام من تاريخ الشعوب والقبائل والإمبراطوريات هو كتاب غير خيالي لعام2019 للمؤلف والمستعربالبريطاني تيم ماكينتوش سميث. ألف الكتاب على مدى 9 سنوات، وخلال السنوات الأربع الماضية كان المؤلف محتجزًا في الحي الذي يسكن فيه بسبب اندلاع الحرب اليمنية. يغطي الكتاب تاريخ العرب من أول ذكر معروف لهم في عام 853 قبل الميلاد وحتى الوقت الحاضر، ويستخدم الكتاب اللغة العربية كعامل موحد لرواية القصة. حصل كتاب العرب على عشرات المراجعات والإشارات، وكانت الغالبية العظمى منهم مؤيدة.
في عام 2009 كلفت مطبعة جامعة ييل ماكنتوش سميث بتأليف الكتاب، على الرغم من أنه رفض المهمة في البداية، لأنها كانت «تتطلب الكثير من العمل». وقدّر أن الأمر سيستغرق 5 سنوات، لكنه في النهاية استغرق حوالي 9 سنوات. لأن الحرب اليمنية (2015 إلى الوقت الحاضر) قد حصرته في حيه الذي يقيم فيه لأكثر من 4 سنوات. خلال هذه الفترة التي كان فيها احتجز في هذا الحي، مع سقوط قذائف الهاون والصواريخ حوله، وترديد صدى الهتافات اليومية «الموت لأمريكا» ألف كتاب العرب. بسبب انقطاع التيار الكهربائي الإجمالي في اليمن خلال الحرب، استخدم المؤلف جهاز كمبيوتر محمول يعمل بالطاقة الشمسية لتأليف الكتاب.[1] ويقيم ماكنتوش سميث منذ أواخر عام 2019 في كوالالمبور.[2]
صمم غلاف الكتاب أليكس كيربي. كان الهدف من اختيار استخدام أنماط رقائق الذهب هو منحها مظهر «المجلد الخاص بالموضوع». وقال كيربي إن مصدر إلهام الغلاف جاء بعد أن اطلع على «عشرات الكتب والمواقع التي تعرض الخط الإسلامي والأنماط والزخارف».[3] تم اختيار تصميم الغلاف في معرض جمعية مطابع الجامعات الأمريكية لعام 2020 للكتاب والغلاف والمجلة.[4] تمت قراءة الكتاب الصوتي بواسطة رالف ليستر مدته 25 ساعة و34 دقيقة، [5]
المحتوى
يشير عنوان الكتاب إلى العرب دون استخدام أداة التعريف «الـ» (عرب بدلاً من العرب) لأن معنى الكلمة، حسب المؤلف، تغير كثيرا مع مرور الوقت، مما جعلها كلمة «مضللة» في الاستخدام.[6] العنوان الفرعي مستوحى جزئيًا من الآية القرآنية49:13: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا. [التأكيد مضاف]».[6]
بالإضافة إلى المقدمة والتمهد والخاتمة،[6] ينقسم الكتاب إلى ستة أجزاء رئيسية تغطي «موجات الوحدة» الثلاث الرئيسية للتاريخ العربي المسجل، ويتخذ كل منها نفس العدد من الصفحات. تحتوي الموجة الأولى (900 قبل الميلاد إلى 630 بعد الميلاد) على أجزاء عن «الظهور» و«الثورة»، بينما تحتوي الموجة الثانية (من 630 إلى 1350) على «الهيمنة» و«الانحدار»، أما الموجة الثالثة (من 1350 إلى اليوم) فتغطي «الغياب» و«عودة الظهور».[6]
يُفتتح الكتاب في المقدمة بطرح سؤال مركزي من شأنه أن يشكل الموضوع الرئيسي لأطروحته، وهو بالتحديد؛ ما هي أسباب الوحدة والتفرق عند العرب.[6] يسلط المؤلف الضوء على الغموض المرتبط بتعريف معنى مصطلح «عربي» ويلاحظ أهمية اللغة العربية الفصحى في توحيد هذه المجموعة العرقية، وبالتالي الحاجة إلى دراسة تاريخ اللغة العربية. ويعتبر أن اللغة هي «السمة المميزة» للعرب، ويطلق عليهم اسم «الناطقين بالعربية» ويشير إلى الوطن العربي بأنه العالم الناطق بالعربية.[6] وأكد على أهمية دراسة تاريخ العرب منذ البداية، وأول ذكر لهم كان عام 853 قبل الميلاد، وليس من وقت ظهور الإسلام كما فعل ألبرت حوراني. في وقت كتابة هذا القسم في عام 2017، كان الوقت بين ذلك الحين وعام 582 وقت النبي محمد وفق المصادر الإسلامية، يماثل تمامًا الفترة بين ذلك الوقت وتاريخ 853 قبل الميلاد (1435 عامًا)، بمعنى أن ظهور الإسلام يقع في منتصف التاريخ العربي وليس في بدايته.[6] الانطلاق من بداية تاريخ العرب ضروري من أجل «إزالة أسلمة» تاريخ العرب و«إعادة تعريبه».[6]
مرحلة ظهور العرب 900 ق.م - 600 م
يعود أول ذكر معروف للعرب في التاريخ إلى عام 853 قبل الميلاد في نص آشوري يذكر رجلاً يُدعى جندبو وهو زعيم قبلي عربي امتلك 1000 جمل وساعد الملك شلمنصر الثالث على هزيمة أعدائه.[6] كان العرب هامشيين مقارنة بالبابليين والآشوريين والفرس والرومان في الشمال والسبئيون في الجنوب. لم يتحدث السبئيون وغيرهم من شعوب جنوب الجزيرة العربية بالعربية، بل إن مجموعتهم اللغوية هي العربية الجنوبية القديمة، والتي تختلف عن العربية مثل اختلاف الألمانية عن الإيطالية.[6] تشير كثرة اللهجات العربية إلى أن اللغة لم تكن موحدة في ذلك الوقت، وأن العرب كانوا مجموعة مختلطة وراثيًا ولغويًا، وهو أحد الأصول المحتملة لكلمة عربي.[6]
لم يكن هنا شيء اسمه العربية، المفردة؛ بل كان هناك - ولا يزال - العديد من اللهجات العربية. لم تكن كلمة «العربية» قط فرعًا فرعيًا متقنًا من لغة سامية أو مجموعة متجانسة من لغات مشتقة منها، ولكنها ثمرة متشابكة ومزخرفة متعددة تحمل بعض السمات القديمة جدًا والغريبة جدًا. يعكس التنوع الكبير في «حزمة اللهجات» التي أصبحت عربية معنى العربية كمجموعة مختلطة، تجمع متعدد اللغات واللهجات والوراثة، والذي كان يستوعب أعضاء جددًا بانتظام منذ أوقات مبكرة جدًا.[6]
المراجعات
حصل كتاب «العرب» على عشرات المراجعات والإشارات، كانت الغالبية العظمى منها مؤيدة. [7]
المؤيدة
[العرب] كتاب واسع النطاق وبصيرة مذهلة، ينجح في مناقشة حتى القضايا التي تبدو مستعصية على الحل بين السنة والشيعة وتعقيدات اللغة العربية بمهارة وأسلوب سهل وتفاصيل معبرة. تبرز اللغة كمفتاح للهوية العربية، لذا فليس من قبيل المصادفة أن عدد المدخلات للعربية في الفهرس أكثر من أي شيء آخر.[8]
كتاب العرب إنجاز رائع، ولد من مؤرخ متحمس لموضوعه. إنه عمل حب تم تحقيقه بعد قضاء العمر في شبه الجزيرة العربية [...] إنه على الحافة الدقيقة بين تأثير اللغة والتاريخ السياسي أن ماكنتوش سميث كان في أبهى صوره وابتكارًا باعتباره مؤرخ. لقد قرأت العشرات من القصص التاريخية للعرب، لكنني لم أشعر أبدًا بأنني منقول وممتع للغاية ومغمور للغاية. [9]
المراجعات المختلطة
في مراجعة مختلطة لـ «مجلة التاريخ: مراجعات للكتب الجديدة»، وصف ألكسندر شلبي الكتاب بأنه «دراسة قيّمة ومدروسة جيدًا للتاريخ العربي» وهي «مثيرة للتفكير». وقال إن ادعاءات قليلة في الكتاب لا تدعمها أدلة، مستشهداً بتأكيد المؤلف أن العرب قد تكون أصولهم من الهلال الخصيب. واعتقد أيضًا أن بعض المقاطع لها صبغة استشراقية مثل القول بأن اللغة العربية لها قدرة خاصة على «التلاعب الكبير بالحقيقة».[10] في مراجعة مختلطة أخرى، وصف ماكس رودنبيك العرب في مجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس بأنهم «غير عاديين» و«مثقفين واستطراديين». قال إن الكتاب ليس «تاريخا تماما» كما يوحي عنوانه، ولكنه شيء آخر.
بدلاً من إعادة سرد القصة العربية الطويلة بالكامل أو إثارة المراوغات مع المؤرخين الأكاديميين الذين غطوا هذا الاكتساح الواسع، مثل فيليب حتي أو ألبرت حوراني، بدأ ماكنتوش سميث بدلاً بملء الفجوات التي تركوها، ولتجميل الحكاية بألوان أكثر جرأة، وترتيبها بطريقة أكثر جاذبية وكاشفة. إنه ليس مؤرخًا بقدر ما هو منسق ممتع، يوجه القراء حول معرض رائع، ويشير إلى الأشياء الأقل شهرة، ويلقي ضوءًا جديدًا على الروائع المصقولة.[11]
المراجعات الناقدة
قال ريتشارد باين، في مراجعة لصحيفة «آيرش تايمز»، إن وضع الكتاب «محزن» ووصفه بأنه «دراسة متناقضة». كان ينتقد انتقادات ماكينتوش سميث لإسرائيل، والتي وصفها بأنها غير متوازنة. كما انتقد الكتاب لكونه ضيق الأفق، مشيرًا إلى إغفاله للسياق الأوسع، وعدم كفاية ذكره الأقباط، وعدم ذكره لبعض الأعمال المهمة في التاريخ والأدب العربي. كما انتقد الطريقة التي تم بها تنظيم التعليقات الختامية، واصفًا إياها بأنها «غير قابلة للاختراق بحيث تثير استياء القارئ الباحث».[12] راجع لورانس روزينكتاب The Marginalia Review of Books. وقارن نهج برنارد لويس الذي طرح سؤالاً عن «ما الخطأ الذي حدث؟» مع ماكنتوش سميث الذي قدم الانقسام كنمط يعيد نفسه عبر التاريخ العربي. وشكك روزن في تركيز المؤلف على اللغة والوحدة العربية، قائلا إن ذلك «لا يربط بين جميع النقاط أبدا». وانتقد قلة الاهتمام الممنوح لدور التجارة والشريعة الإسلامية، مشيرًا إلى أهميتهما في فهم الصورة الكاملة. وصف روزن اهتمام المؤلف باللغة بأنه أقرب إلى اهتمام مؤلف المعاجم وليس عالم اللغة الاجتماعي، مشيرًا إلى استخدامه المتكرر لكلمات غريبة مقارنة بندرة إظهار «الاستخدام الفعلي للغة العربية في الحياة الاجتماعية والسياسية». أضاف روزن:
إن تحليل المؤلف للحظات معينة في التاريخ العربي قد يعمل عليه المتخصصون لسنوات قادمة، لكن القراء العامين الذين يتابعون أخبار اليوم من المنطقة لا يزالون يترددون في توصيف المؤلف لروح عربية مميزة.[13]
مراجعات غير الإنجليزية
وفي قناة العربي، أبدى عارف حجاوي استحساناً للكتاب. كان منبهرًا بالأسلوب «الخلاب» للمؤلف، حيث وافق على وصف صحيفة نيويورك تايمز له: «يبدو أن تيم ماكينتوش سميث غير قادر على كتابة جملة مملة». وأشار إلى رؤى الكتاب حول أصول الانقسام العربي، مستشهداً باتفاقية سايكس بيكو وعدم قدرة العرب على (إعادة) الاتحاد بعد الاستقلال بسبب الانقسام المتأصل بينهم والذي يعود إلى حقبة حرب البسوس في القرنين الخامس والسادس. قصائد مترجمة حصل على تنويه خاص من قبل حجاوي، الذين وجدوا لهم ممتعة جدا للقراءة مع هم منظم qaafiyaa، وأشاد بالدقة التامة، نقلا عن استخدام المؤلف لقاموس تاج آل عروس، المؤلف من 40 مجلدا. تم الترحيب بالأسلوب الفكاهي وحب اللغة العربية والنقد الصادر عن القلب باعتبارها سمات مميزة، مما يضع المؤلف فوق أي اتهام بالاستشراق المتغطرس كما يصف إدوارد سعيد. وأخيراً طالب بترجمة الكتاب إلى اللغة العربية.
وفي مراجعة لـ «الشرق الأوسط»، أعرب ماهر فريد عن سعادته بأن يكون للباحث الغربي معرفة عميقة بالأدب العربي، مستشهداً ببعض قصائد امرؤ القيسوأبو تماموالمعري. وبينما أشاد بالمؤلف لمعرفته الوفيرة وبصيرة ثاقبة وأبحاث دؤوبة، حذر من أخذ استنتاجاته دون انتقاد. وأضاف فريد:
في نهاية المطاف يبقى كتاب «العرب» نتاج منظور غربي غريب عن الثقافة العربية مهما بذل من جهد لفهمها والتعامل معها والتعاطف معها. ولهذا السبب - بينما يجب أن نستفيد مما يقول - يجب أن نأخذ ما يقوله حول بعض القضايا [...] بقليل من الحذر، ونتذكر دائمًا ما كتبه إدوارد سعيد في الاستشراق عن استحالة الموضوعية الكاملة في كتابات الغربيين عن العرب، وخلط البحث العلمي البحت مع اعتبارات أخرى، مهما سعى الباحث الغربي للبقاء على الحياد، ومراعاة الإنصاف، ووضع التحيزات الموجودة مسبقًا جانبًا.[14]