ذهب إلى المدينة المنورة وطلب التفسير على يد زيد بن أسلم، له اهتمام بتفسير القرآن وعلومه، وله العديد من المرويات التي دُوّنت في كتب التفسير وعلوم القرآن، وصُنّفت مؤلفات تجمع أقواله في هذا المجال، حيث نُسب إليه مصنّفات مثل: «التفسير» و«الناسخ والمنسوخ في كتاب الله» و«تنزيل القرآن»، كان يُكثر الرواية في التفسير عن عبد الله بن عباسإرسالًا، روى الحديث وروى عنه عدد كبير من تابعي التابعين، وحديثه في صحيح مسلموالسنن الأربعة.
سيرته
هو عطاء بن أبي مسلم الخراساني، وكنيته أبو أيوب، ويُقال: أبو عثمان، ويُقال: أبو محمد، ويُقال: أبو صالح، البلخي، واسم أبيه أبو مسلم: عبد الله، وقيل ميسرة، مولى المهلب بن أبي صفرة الأزدي ثم أصبح مولى لرجل من هذيل،[5] وُلد في بلخ سنة 60 هـ، نشأ في أول حياته بخراسان، وطلب العلم بها واشتُهر أمره، وتولى قضاء خراسان.[6]
سافر إلى الشام، ومر على العراق، سكن دمشقوالقدس، وذلك في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان ثقة معروفًا بالفتوىوالجهاد ومن العُبّاد، وكان يأكل من صلة الإخوان، وجوائز السلطان، قال ابن حبان: «أصله من بلخ، وعداده في البصريين، وإنما قيل له: الخراساني، لأنه دخل إلى خراسان، وأقام، ثم رجع إلى العراق، وكان من خيار عباد الله. غير أنه كان رديء الحفظ، كثير الوهم. فلما كثر ذلك في روايته، بطل الاحتجاح به.»،[7] قال ابنه عثمان بن عطاء: «كان يجلس أبي مع المساكين، فيُعلمهم ويُحدثهم».[8]
رحلاته لطلب العلم
انتقل من خراسان لطلب العلم، فيقول: «لما هممت بالنقلة عن خراسان، شاورت من بها من أهل العلم أين يرون أن أنزل بعيالي، وكلهم كانوا يقولون لي: عليك بالشام.»،[9][10] فخرج قاصدًا الشام، فمر بالعراقوالبصرة، وسمع من أهلها، ثم رحل إلى دمشق، واستقر بالقدس، والتقى بمكحول الهذلي، ثم ارتحل مرة إلى المدينة المنورة في خلافة الوليد بن عبد الملك، وطلب التفسير على يد زيد بن أسلم، قال: «قدمت المدينة وقد فاتني عامة صحابة رسول الله ﷺ»، وذهب إلى الحج، وصلى خلف عمر بن عبد العزيز وروى عنه تكبيره يوم النحر، ورحل إلى أريحا التي توفى بها.[11]
وفاته ووصيته
مرض عطاء، ودخل عليه محمد بن واسع، وكان قد مرض عدة مرضات قبل موته،[12] توفي بأريحا ودُفن بـبيت المقدس، سنة 135 هـ،[8] وقيل 133 هـ، والأول أشهر،[5] وأوصى قبل موته بوصية طويلة ذكرها أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أوّلها: «إني لا أوصيكم بدنياكم أنتم بها مستوصون، وأنتم عليها حراص، وإنما أوصيكم بآخرتكم تعلمن أنه لن يعتق عبد وإن كان في الشرف والمال، وإن قال أنا فلان ابن فلان، حتى يُعتقه الله تعالى من النار، فمن أعتقه الله من النار عتق، ومن لم يعتقه الله من النار كان في أشد هلكة هلكها أحد قط، فجدوا في دار المعتمل لدار الثواب، وجدوا في دار الفناء لدار البقاء.».[13]
وذكر فقهه عدد من العلماء، قال أبو نعيم الأصبهاني: «كان فقيهًا كاملًا، وواعظًا عاملًا، تزود للارتحال، تيقنًا للانتقال.»،[17] وقال يعقوب بن شيبة: «عطاء الخراساني مشهور، له فضل وعلم، معروف بالفتوى والجهاد».[15] وقال ابن عبد البر: «أحد العلماء الفضلاء، وله أخبار طيبة عجيبة في فضائله.».[18] وقال ابن الجوزي: «كان من أهل العلم والصلاح.».[19][20]
اهتمامه بالتفسير وعلوم القرآن
الصفحة الأولى
الصفحة الأخيرة
مخطوط "الجزء فيه تفسير القرآن ليحيي بن يمان وتفسير لنافع بن أبي نعيم القارئ وتفسير لمسلم بن خالد وتفسير عطاء الخراساني"، جمعه أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الترمذي الشافعي، نسخة محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق، نُسخت سنة 456 هـ.[21]
الجرح والتعديل: قال ابن أبي حاتم عن أبيه: «ثقة صدوق. قلت: يحتج به؟ قال: نعم.»،[5] قال محمد بن إسماعيل البخاري: «ما أعرف لمالك رجلًا يروي عنه يستحق أن يترك حديثه غير عطاء الخراساني، قلت: ما شأنه؟ قال: عامة أحاديثه مقلوبة»، وعلق على ذلك الترمذي قائلًا: «هو ثقة، روى عنه مثل مالك، ومعمر، ولم أسمع أحدا من المتقدمين تكلم فيه»،[8] وَقَال أبو داود: «لم يدرك ابن عباس ولم يره». وَقَال النسائي: «ليس به بأس». وَقَال الدارقطني: «ثقة في نفسه إلا أنه لم يلق ابن عباس». وقال شعبة بن الحجاج: «كان نسيًّا».[5] وقال ابن حبان: «كان رديء الحفظ، كثير الوهم. فلما كثر ذلك في روايته، بطل الاحتجاح به».[8] وقال أحمد ابن حنبل: «عطاء الخراساني ثقة»، وقال يعقوب بن شيبة: «روى عنه مالك بن أنس، وكان مالك ممن ينتقي الرجال، وابن جريجوحماد بن سلمة والمشيخة، وهو ثقة ثبت»،[15] وقال محمد بن سعد البغدادي: «كان ثقة وأتَى الشأم فروى عنه الشاميّون، وروى عنه مالك بن أنس وغيره»،[25] وقال ابن تيمية: «عطاء الخراساني ثقة مشهور»،[26] وقال ابن حجر العسقلاني: «صدوق يهم كثيرًا ويرسل ويدلس من الخامسة».[2]
روايته في كتب الحديث: روى له مسلم بن الحجاج وأصحاب السنن الأربعة،[5] وأنكر الذهبي أن يكون البخاري قد روى له، بل قال إن عطاء الذي في صحيح البخاري هو عطاء بن أبي رباح وليس عطاء الخراساني فقال: «قيل: إن الذي في تفسير سورة نوح من صحيح البخاري، هو عطاء الخراساني، وليس بجيد. بل هو عطاء بن أبي رباح. فعلى هذا لا شيء للخراساني في صحيح البخاري».[8]
عقيدته
كان يجادل القدريةوالحرورية، فتنازع مع أحد المُحدثين وهو ثور بن يزيد لكلامه في القدر ونهى عن مجالسته، وقال: «لا تجالسوا ثور بن يزيد، إنه كان قدريًا»،[27] وقال: «ثلاثة لم تكن منهم واحدة في أصحاب رسول الله ﷺ: لم يحلف أحد منهم على قسامة، ولم يكن فيهم حروري، ولم يكن فيهم مكذب بالقدر.»،[28][29] وكان يحذر الناس من البدع، وكان يحث على الجماعة، فيقول: «ثلاث لا تنفع اثنتان دون الثالثة: الإيمان والصلاة والجماعة.».[30] وذكر ابن تيمية أنه كان ممن يعتقد أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.[31][32]
عبادته
اُشْتَهر بالعبادة، ويُعرف عنه الإكثار من قيام الليل، قال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: «كنا نغازي عطاء الخراساني، وننزل مُتقاربين فكان يحيي الليل، ثم يخرج رأسه من خيمته فيقول : يا عبد الرحمن، يا هشام بن الغاز، يا فلان، قيام الليل، وصيام النهار أيسر من شرب الصديد، ولبس الحديد، وأكل الزقوم، والنجاة النجاة!»[8] وكان يقول: «قيام الليل محياة للبدن، ونور في القلب، وضياء في البصر، وقوّة في الجوارح، وإن الرجل إذا قام من الليل متهجّدًا أصبح فرحًا يجد لذلك فرحًا في قلبه، وإذا غلبته عيناه، فنام عن جزئه أصبح لذلك حزينًا منكسر القلب، كأنه قد فقد شيئًا، وقد فقد أعظم الأمور له نفعًا.».[33][34] وكان يحث على الذكر، فيقول: «ترى هذه الساعة ما بين المغربوالعشاء، فإنها ساعة الغفلة، وهي صلاة الأوابين، ومن جمع القرآن فقرأه من أوله إلى آخره في الصلاة كان في رياض الجنة.»،[28] وكان يعتبر مجالس العلم من الذكر، فيقول: «مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام»،[8]
مؤلفاته
لم يؤلّف عطاء الكتب بنفسه، ولم يكن التأليف منتشرًا في ذلك العصر، أمّا الكتب التي تُنسب إليه قام بجمعها أحد العلماء بالإسناد عنه، ومن هذه المؤلفات:[35]
الناسخ والمنسوخ في كتاب الله، ذكره شمس الدين الداودي في طبقات المفسرين، وحصل الخطيب البغدادي على إجازة بروايته، وتوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الأسد بدمشق، ذكر المستشرق الألماني كارل بروكلمان أن نقولًا من هذا الكتاب بقيت في التفاسير المتأخرة.[38] رواه عنه يونس بن راشد الحراني.[36]
1 في حوار عيسى بن موسى مع عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ««فمن كان فقيه خراسان؟» قلت: «عطاء بن عبد الله الخراساني». قال: «فما كان عطاء هذا؟» قلت: «مولى»».[39]
^أبو عمرو خليفة بن خياط بن خليفة الشيباني العصفري البصري (ت ٢٤٠هـ). كتاب تاريخ خليفة بن خياط (ط. 2nd). دار القلم , مؤسسة الرسالة - دمشق , بيروت. ص. 410. مؤرشف من الأصل في 2023-08-16.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link)