المسجد الضرار[1] هو مسجد قد بني لأبي عامر الذي كان يقال له أبو عامر الراهب، وكان قد تنصر في الجاهلية وكان المشركون يعظمونه، فلما جاء الإسلام فر إلى الكافرين، فقامت طائفة من المنافقين ببناء هذا المسجد الذي سمي مسجد ضرار، وقصدوا أن يبنوه لأبي عامر ولم يبنوه لأجل فعل ما أمر الله به ورسوله بل لغير ذلك، فأمر الرسول بهدمه وقد هُدم.
قال البركتي هو مسجد اتخذه المنافقون ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله في عهد النبي فأنزل الله فيه «لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا»[2] فهدمه النبي وأحرقه فهو مسجد خاص، نعم يُلحق به في الذمَّ وعدم الثواب كل مسجد بُني مباهاة أو رياء أو سمعة أو لغرض سوى ابتغاء وجه الله تعالى، أو بمال غير طيب لكن ليس هو مسجد ضرار حقيقة حتى يهدم ويحرق والله أعلم.[1]
روي أن بني عمرو بن عوف لما بنوا مسجد قباء وكان يأتيهم رسول الله ﷺ ويصلي فيه، حسدتهم بنو غنم بن عوف وقالوا: نبني مسجدا ونرسل إلى رسول الله ﷺ يصلي فيه ويصلي فيه أبو عامر الراهب إذا قدم من الشام ليثبت لهم الفضل والزيادة على إخوانهم، وأبو عامر هو الذي سماه النبي محمد بالفاسق، وقال الرسول: لا أجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك معهم، فلم يزل يقاتله إلى يوم حنين فلما انهزمت هوازن خرج هاربا إلى الشام وأرسل إلى المنافقين أن استعدوا بما استطعتم من قـوة وسلاح فإني ذاهب إلى قيصر وآت بجنود ومخرج محمدا وأصحابه من المدينة، فبنوا مسجد الضرار إلى جانب مسجد قباء، وقالوا للنبي: بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والشاتية، ونحن نحب أن تصلي لنا فيه وتدعو لنا بالبركة، فقال الرسول: إني على جناح سفر وحال شغل وإذا قـدمنا إن شاء الله صلينا فيه، فلما قفل من غزوة تبوك سألوه إتيان المسجد، فنزل قوله تعالى: «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا» إلى قوله «لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا»، فدعا بمالك بن الذخشم ومعن بن عدي وعامر بن السكن ووحشي قاتل حمزة بن عبد المطلب فقال لهم: انطلقوا إلـى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه واحرقوه، ففعلوا وأمر أن يجعل مكانه كناسة تلقى فيـها الجـيف والقمامة.[4]