يعود مصطلح العالم المسيحي (بالإنجليزية:Christendom)، إلى كلمة Christianus في اللغة اللاتينية. والمصطلح هو جمع كلمتين Corpus Christianum. وغالبًا ما يترجم المصطلح اللاتيني Christianum إلى كلمة «الجسد المسيحي»، ويعني هذا المصطلح فكرة المجتمع المترابط المكون من جميع المسيحيين. قد يكون لمصطلح «العالم المسيحي» معان عدة، لكنه يشير على وجه الخصوص إلى مناطق نفوذ ثقافي فيها المسيحية هي الديانة السائدة وهي المعيار الثقافي والاقتصادي والسياسي للمجتمع في هذه المناطق. تاريخيًا تشكلت وحدة العالم المسيحي في عام 380 عندما أضحت المسيحية الديانة الرسميةللإمبراطورية الرومانية على يد الإمبراطور ثيودوسيوس الأول وكتابات القديس أوغسطين.[20]
سيطرت مفاهيم العصور الوسطى وعصر النهضة على النظام السياسي المسيحي، والذي كان يجسد معنى أقل لمفهوم العلمانية، والذي يمكن أن يكون متوافقًا على حد سواء مع الفكرة الدينية والهيئة الزمانية. عندما اعترفت الإمبراطورية الرومانية بالمسيحية وصارت المسيحية دينها الأوحد ظلت المؤسستان منفصلتين وكانتا تتحالفان أو تتصارعان، ولكن من موقع الانفصال وليس من موقع الاندماج. كانت هناك رؤية في العالم المسيحي الغربي لثيوقراطية مسيحية أو حكومة تقوم على التمسك بالقيم المسيحية والتي تنتشر من خلال المؤسسات الدينيّة الممثلة في الكنيسة وهي المؤسسة التي تملك صلاحيات لاهوتية خاصة وذات علاقة خاصة بالله وبأسرار الديانة المسيحية بحسب المعتقدات المسيحيّة.
كانت المسيحية ركن القاعدة الثقافية الأوروبية وفي مناسبات محددة الركن الوحيد للهوية الأوروبية، خاصة عندما سعت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية لبسط نفوذها الثقافي ومن ثم السياسي على الغرب الأوروبي، فالأممية المسيحية أو مفهوم العالم المسيحي ظلت قوة سياسية ودافعًا فكريًا وعقائديًا وسياسيًا أثر مباشرة على مسيرة السياسية الأوروبية، بل إنه أصبح لب فكرة «المفهوم الغربي»، وقام باستبدال المفهوم الجغرافي الأوروبي الضيق أو الروماني المحدود وأصبح يمثل شرعية جديدة بدأت تترسخ داخل الشعوب الأوروبية والوجدان السياسي فيها، وأصبح هذا المفهوم يمثل الشرعية السياسية والدينية على حد سواء.[12]
يمكن اعتبار مصطلح الجسد المسيحي أو العالم المسيحي أو الأمميّة المسيحية؛ المصطلح المسيحي المقابل للعالم الإسلامي أو للأمة في الإسلام. كما أنّ مصطلح ملكوت الله الذي يكثر استخدامه في التقاليد المسيحية، يَدّل على أنّ العالم المسيحي هو ضمن أو بين البشر.[21] يتضّمن مصطلح العالم المسيحي الدينوالثقافةوالحضارة بل ومعارضي الدين الذين ناوأوا المسيحية.[22]
ظهر في الآونة الأخيرة مصطلح «العالم المسيحي السياسي»، والذي يعني هيمنة مسيحية ثقافية غير رسمية في الغرب ويعود ذلك إلى تمتُّع المسيحية التقليدي بهيمنة سياسية في العالم الغربي. منذ القرن العشرين تحظى العديد من الدول ذات الغالبية المسيحية بقليل من القواسم المشتركة بعيدًا عن الدين؛ إذ يتألف العالم المسيحي من عدد كبير من مختلف الشعوب والحضارات والثقافات. تُعتبر اليوم كل من الأمريكتينوأوروبا جزءًا رئيسيًا من العالم المسيحي، فضلًا عن أوقيانوسياوإفريقيا جنوب الصحراء.
صرح أستاذ اللاهوت الكندي دوغلاس جون هول (1997) أن «العالم المسيحي» [...] يعني حرفيًا سيادة أو سلطة الديانة المسيحية".[23] وعرّف الأسقف الكاثوليكي الأمريكي توماس جون كاري (2001) مصطلح العالم المسيحي بإنه «النظام الذي يعود إلى القرن الرابع والذي دعمت به الحكومات الديانة المسيحية وروجت لها».[24] ويذكر كاري أن نهاية العالم المسيحي جاءت لأن الحكومات الحديثة رفضت «دعم تعاليم وعادات وأخلاقيات وممارسات المسيحية».[24] وعرّف مؤرخ الكنيسيّ البريطاني ديارميد ماكولوتش (2010) مصطلح العالم المسيحي بأنه يعني «الاتحاد بين المسيحية والسلطة العلمانية».[25]
التاريخ
المسيحية المبكرة
جاءت المسيحية عام 27 من جذور مشتركة مع اليهودية في فلسطين وتعرضت للاضطهاد من قبل الإمبراطورية الرومانية، في وقت مبكر من نشأة المسيحية انتشرت في العالم اليوناني الروماني وذلك عقب انفصالها عن اليهودية.
يمكن تقسيم المسيحية المبكرة إلى مرحلتين متميزتين: الفترة الرسولية، وهي فترة حياة التلاميذ الإثني عشر ومن معهم، أو حياة الكنيسة الأولى والتي نُظم فيها عمل الكنيسة، ومرحلة ما بعد الرسل. واتخذوا في أنطاكية اسم مسيحيين (باليونانية:Χριστιανισμός) لأول مرة.
بداية القرن الثاني كانت المسيحية عبارة عن جماعات متفرقة صغيرة على هامش المجتمع ضمن الإمبراطورية الرومانية، وأخذ الوضع بالتغير منذ النصف الثاني للقرن الثاني، نبع ذلك من إدراك أنه إن لم ترد الكنيسة البقاء كشيعة على هامش المجتمع يترتب عليها التكلم بلغة معاصريها المثقفين؛ فبدأت المسيحية بالانتشار في كافة مدن الإمبراطورية الرومانية وأخذت المدارس المسيحية بالنشوء والكتب المسيحية بالانتشار مع بداية القرن الثالث وتكاثر عدد المعلمين المسيحيين في المدراس اليونانية والرومانية.
إن المشكلة الأساسية التي عانت منه كنيسة القرنين الثاني والثالث تمثلت في الاضطهادات الرومانية؛ فمنذ صدور مرسوم طرد المسيحيين من روما حوالي العام 58 وحتى العام 312 عانى المسيحيون من شتى أنواع الاضطهاد كان أقساها اضطهاد نيرون الذي شمل حريق روما، دومتيانوس الذي استمر سبعة وثلاثين عامًا واتخذت بداية هذا الاضطهاد أصل التقويم المعروف باسم التقويم القبطي أو المصري، وحسب مراجع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فقد قتل مئات الآلاف خلال هذا الاضطهاد،[26]
وقد تجلى تحول المسيحية من طائفة هامشية، إلى قوة رئيسية داخل الإمبراطورية من تأثير إمبروسيوس أسقف ميلانو. وهو أحد معلمي الكنيسة الجامعة وواحد من أكثر الشخصيات الكنسية تأثيرًا في القرن الرابع، أصبح إمبروسيوس لاعبًا في السياسة الإمبراطورية، ويتودد لنفوذه المتنافسون على العرش الإمبراطوري. عندما أمر الإمبراطور ثيودوسيوس الأول بمذبحة عقابية ضد الآلاف من المواطنين في سالونيك، منعه إمبروسيوس من دخول الكنيسة وقبول سر القربان حتى يقدم توبة وكفارة عمليّة وعلنيّة ويصلح ما أمكن من آثار هذه المذابح.[28] وهو ما كان بداية سيطرة الكنيسة على الحياة السياسية في أوروبا.
عام 543 قام الإمبراطور جستينيان الأول بجمع القوانين بما يتلاءم مع تعاليم المسيحية والتي دعيت بقانون جستينيان تم ذلك بمساعدة من رجال دين مسيحيين وقد عُرف عن هذه المجموعة أنها من أكبر الإسهامات الرومانية في مجال الحضارة،[29] هيمنت هذه القوانين على العالم الأرثوذكسي لعدة قرون، ولا تزال الكنائس المسيحية الشرقية تُطبق قانون جستنيان في مسائل الأحوال الشخصية.
بعد سقوط روما أصبحت البابوية سببَ استمرار السلطة، وسيطرت على المسائل العسكرية؛ قام البابا غريغوري الكبير بإصلاحات صارمة في إدارة الكنيسة، وبرز كمحامي روماني ومسؤول، وراهب، ومثل التحول من الكلاسيكية إلى آفاق القرون الوسطى، وكان أبًا لكثير من الهياكل التابعة للكنيسة الكاثوليكية في وقت لاحق. وفقًا للموسوعة الكاثوليكية، فإنه تطلع إلى الكنيسة والدولة كوحدة مشتركة، ولكنها عملت في مجالين متميزين، الكنسية والعلمانية والإكليريكية، وبحلول وقت وفاته، كانت البابوية قوة عظمى في إيطاليا:
«البابا غريغوري الكبير جعل من نفسه في إيطاليا أقوى من قوة الإمبراطور أو حاكم الولاية، وأنشأ نفوذًا سياسيًّا الذي سيطر على شبه الجزيرة لقرون عديدة. من هذا الوقت توجهت أنظار السكان المتنوعين في إيطاليا إلى البابا، وواصلت روما عاصمة البابوية لتكون مركز العالم المسيحي.[30]»
عاشت الإمبراطورية البيزنطية عصرها الذهبي خاصةً تحت حكم الأسرة المقدونية حيث دعي عصرهم بعصر النهضة المقدونية ففي عهدهم مرت الإمبراطورية البيزنطية بنهضة ثقافية وعلمية وكانت القسطنطينية في عهدهم المدينة الرائدة في العالم المسيحي من حيث الحجم والثراء والثقافة.[31][32] فقد كان هناك نمو كبير في مجال التعليم والتعلم ممثلة بجامعة القسطنطينيةومكتبة القسطنطينية وجرى الحفاظ على النصوص القديمة وإعادة نسخها. كما ازدهر الفن البيزنطي وانتشرت الفسيفساء الرائعة في تزيين العديد من الكنائس الجديدة، وفي عصر الكومنينيين تجدد الاهتمام بالفلسفة الإغريقية الكلاسيكية، بالإضافة إلى تزايد الناتج الأدبي باليونانية العامية.[33] احتل الأدب والفن البيزنطيان مكانة بارزة في أوروبا، حيث كان التأثير الثقافي للفن البيزنطي على الغرب خلال هذه الفترة هائلًا وذا أهمية طويلة الأمد.[34] كما شمل العهد المقدوني أحداثًا ذات أهمية دينية. كان تنصير الشعوب السلافية مثل البلغاروالصربوالروس إلى المسيحية الأرثوذكسية بصفة دائمة قد غير الخريطة الدينية لأوروبا ولا يزال صداه حتى يومنا هذا. قام كيرلس وميثوديوس وهما أخوان يونانيان بيزنطيان من ثيسالونيكي قد ساهما بشكل كبير جدًا في تنصير السلافيين والعملية التي طورت الأبجدية الغلاغوليتية، والتي هي سابقة كيريلية.[35]
بحلول القرن الحادي عشر من خلال جهود غريغوري السابع، نجحت الكنيسة بتأسيس وإعلان نفسها بأنها «كيان مستقل من الناحية القانونية والسياسية داخل المسيحية الغربية».[40] مما أتاح للكنيسة قوة سياسية وتأثير كبير على المجتمع الغربي؛[40] وكانت قوانين الكنيسة وتشريعاتها القانون النافذ ويمتد تأثيرها إلى السلطات القضائية وحياة والشعوب في جميع أنحاء أوروبا، مما أتاح لها سلطة بارزة.[41] ومن خلال نظام المحاكم الخاص بها، احتفظت الكنيسة الولاية على جوانب كثيرة من الحياة العادية، بما في ذلك الميراث، والتعليم، والوعود شفوية، وخطاب القسم، والجرائم الأخلاقية، والزواج.[42] وباعتبارها واحدة من أقوى المؤسسات في العصور الوسطى، فقد انعكست المواقف الكنيسة على القوانين العلمانية الحديثة.[43]
كانت الكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى أقوى مؤسسة في أوروبا وأكثر عالميّة وديموقراطيّة، خصوصًا في المنظمات الرهبانية التي تتبع قوانين القديس بندكت. وغدت الأديرة الملجأ الثقافي والعلمي في أوروبا، وإليها لجأت مختلف النُخب لتبرز في الآداب والعلوم وغيرها من الثياب الرهبانيّة أو الأسقفيّة، ولعلّ نشاط دير كلوني أحد أبرز علائم تلك المرحلة.[44]
خلال القرون الوسطى كانت القوى المؤثرة على الصعيد السياسي في المجتمع الغربي هي: النبلاءورجال الدينوالملوك، وقد نتج عن ذلك صراع في بعض الأحيان بينهم. وكانت سلطة الباباوت قوية بما يكفي لتحدي سلطة الملوك. ولعلّ نزاع التنصيب أهم صراع بين الكنيسةوالدولة في أوروبا خلال القرون الوسطى. إذ تحدت مجموعة من الباباوات سلطة الملكيات في السيطرة على التعيينات لمسؤولين عن الكنائس مثل الأساقفة ورؤساء الأديرة. سيّما بلاط الإمبراطور فريدريك الثاني، ومقره في جزيرة صقلية، إذ واجه توتر وخصومة ومنافسة مع البابوية من أجل السيطرة على شمال إيطاليا.[47] وكانت أحد أسباب فترة بابوية أفينيون خلال الأعوام 1305 حتى 1378 الصراع بين البابوية والتاج الفرنسي.[48]
وطبعت تلك المرحلة بتأسيس الرهبنات الكبرى كالرهبنة البندكتية والرهبنة الأوغسطينية اللتين أثرتا عميق التأثير في المجتمع الغربي، ورعتا عملية التقدم العلمي إذ كانت الأديارجامعاتومدارسأوروبا الوحيدة،[51] أما أقدم جامعة بالمفهوم الحديث للتعليم العالي فهي جامعة بولونيا وذات أصول مسيحية.[52] كذلك برز دير كلوني في تنظيم السياسة الداخلية للكنيسة وتحديد دور العلمانيين فيها.[53]
وظهر في هذه الفترة مبدأ «الحق الإلهي» من قبل الملوك لتبرير الحكم المطلق، ومن هؤلاء لويس الرابع عشر الذي زعم أن سلطته الممنوحة له من الله لا حقّ لأحد من رعاياه حدها. كما حاول جيمس الأولوتشارلز الأول، ملوك إنجلترا، استيراد هذا المبدأ وعليه نمت المخاوف بأن تشارلز الأول بصدد تأسيس حكم استبدادي، وتمخضت
تلك المخاوف باندلاع الحرب الأهلية الإنجليزية. كما وصل رجال دين مناصب هامة وخطيرة في الدول الأوروبية مثل الكاردينال ريشيليو الذي كان وزير الملك الفرنسي لويس الثالث عشروالكاردينالجول مازاران وكان رئيس الوزراء في عهد لويس الرابع عشر.
وخلال فترة عصر القوميات تنامت فكرة القومية الإيطالية منذ عام 1814، ومع تفاقم عقيدة القومية الإيطالية أدت في النهاية إلى سيطرة المملكة الإيطالية على الدولة البابوية عام 1870 مع تخلي فرنسا عن مواقعها في روما مما سمح للمملكة الإيطالية بملء الفراغ وانتزاع الدولة البابوية من السيادة الفرنسية. رغم ذلك فإن الفاتيكان والمباني المحيطة به ظلت ذات حكم خاص في ظل هذا الوضع الذي دعي به البابوات بشكل مجازي «سجناء روما»؛ واستمرت العلاقة بشكل غير منظم قانونيًا حتى عام 1929 حين أبرمت اتفاقيات لاتران الثلاثة، التي أوجدت الفاتيكان بالشكل المتعارف عليه اليوم، ونظمت التعاون السياسي، الاقتصادي والأمني بين إيطاليا والفاتيكان.
في عام 1997، جادل أستاذ اللاهوت الكندي دوغلاس جون هول بأن العالم المسيحي (أي الدول التي تعتمد نظام سياسي مسيحي) قد «سقط بالفعل» أو في نهاياته. على الرغم من أن نهايته كانت تدريجية وليست واضحة كما كان تأسيسه واضحا في القرن الرابع الميلادي، فإن «الانتقال إلى ما بعد القسطنطينية، أو ما بعد المسيحية، كان قيد التنفيذ بالفعل منذ قرن أو قرنين،» بدءًا من عصر التنوير العقلاني في القرن الثامن عشر والثورة الفرنسية (أول محاولة لإسقاط المؤسسات المسيحية).[73] ذكر الأسقف الكاثوليكي الأمريكي توماس جون كوري (2001) أن نهاية العالم المسيحي (أي الأنظمة التي تدعم فيه الحكومات المسيحية وتروج لها) جاءت بسبب أن الحكومات الحديثة رفضت «دعم تعاليم وعادات وأخلاقيات وممارسات المسيحية».[24] وجادل بأن التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة (1791) وإعلانالمجمع الفاتيكاني الثانيبشأن الحرية الدينية (1965) هما من أهم الوثائق التي تمهد الطريق لنهايته.[24] وفقًا للمؤرخ البريطاني ديارميد ماكولوتش (2010)، فقد «قُتل» العالم المسيحي (أي الاتحاد بين المسيحية والسلطة العلمانية) في الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، مما أدى إلى سقوط الإمبراطوريات المسيحية الرئيسية الثلاث (الروسيةوالألمانيةوالنمساوية) في أوروبا، وكذلك الإمبراطورية العثمانية، وتمزيق المجتمعات المسيحية الشرقية التي كانت موجودة على أراضيها. تم استبدال الإمبراطوريات المسيحية بجمهوريات علمانية، بل معادية لرجال الدين وتسعى لإبعاد الكنائس عن السياسة. النظام الملكي الوحيد الباقي على قيد الحياة بكنيسة راسخة، بريطانيا، أصيب بأضرار جسيمة بسبب الحرب، وفقد معظم أيرلندا بسبب الاقتتال الداخلي بين الكاثوليك والبروتستانت، وفقد قبضته على مستعمراته.[25]
شهدت عدد من الدول المسيحية التقليدية في العالم المسيحي خاصةً ذات الخلفية البروتستانتية مثل ألمانيا، المملكة المتحدة، هولندا، الدول الإسكندنافيةوأستراليا انخفاضًا في حضور الكنيسة والمداومة على الصلاة والطقوس الكنسية منذ 1970. وعلى الرغم من ذلك تحتفظ الكنائس البروتستانية بنسب عالية من الأعضاء المنتمين لها في البلدان الآنفة الذكر. لا يقتصر الأمر على الدول ذات الثقافة البروتستانتية بل يشمل أيضًا بعض الدول الكاثوليكية، وان كان أقل وضوحًا في الدول الكاثوليكية مقارنًة بالبروتستانتية، منها فرنسا والدولة الشيوعية السابقة الجمهورية التشيكية حيث تصل نسبة المداومين والمؤمنين فيها إلى أدنى مستوياتها.[74] أفضى ذلك إلى ظهور شريحة المسيحية الثقافية وهو مصطلح واسع يستخدم لوصف أشخاص مسيحيين اسميًا ذوي خلفية تراثية وحضارية مسيحية وينتمون إلى المسيحية من ناحية عرقية أو ثقافية أو دينية أو تعليمية أو بسبب الروابط العائلية.
بعد قيامة يسوع بحسب العقيدة المسيحية، نمت المسيحية لتكون الدين السائد في الإمبراطورية الرومانية وبدأ تقليد دراستها ودراسة علومها ولاهوتها. إحدى أهم الكتابات التي انتشرت على نطاق واسع، كتاب القديس أوغسطينوس «الاعترافات»، وفيه يسرد قصة شبابه وتحوله إلى المسيحية، ويعتبر كتاب «الاعترافات» أول سيره ذاتية مكتوبة في الأدب الغربي. وقد أثرت كتابات أوغسطينوس تأثيرًا عميقًا في الثقافة الغربية.[80] كما وكتب يعقوب دي فراغسي «الأسطورة الذهبية» وفيه يسرد حكايات القديسين وقد أثّر هذا الكتاب في الفن والثقافة والفلكلور الغربي،[81] كما وكتب الفيلسوف ورجل الدولة الإنجليزي توماس مور، «يوطوبيا» أو «المدينة الفاضلة» وذلك في عام 1516، ألّف إغناطيوس دي لويولا وهو شخصية رئيسية في حركة الإصلاح الكاثوليكي، كتاب تأملات مؤثرة ومعروفة باسم «الرياضات الروحية».
كذلك كان تأثير المسيحية في الشعر عظيم خاصةً في المناطق التي وصلتها المسيحية. القصائد المسيحية في كثير من الأحيان ترجع مباشرةً إلى الكتاب المقدس، والبعض الآخر يقدم قصة رمزية.
خلال العصور الكلاسيكية القديمة، تطورت الأشعار المسيحية في الكنيسة الشرقية والغربية، ومن أبرز أعلام الكنيسة الشرقية في هذه الفترة أفرام السرياني وهو راهب سرياني ومن رواد كتاب وشعراء المسيحية ويعده بعض المؤرخين واللاهوتيين أعظم من كتب القصيدة والترنيمة الدينية في الشرق المسيحي، وظهرت في الإمبراطورية البيزنطية قصائد وأشعار في مدح مريم العذراء والتي عرفت بصلاة المدائح.
في الغرب المسيحي كُتب عدد من القصائد المهمة باللغة اللاتينية والتي ما تزال تستخدم في قداس الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، مثل Vexilla Regis وPange lingua gloriosi proelium certaminis (غرّد يا لساني، للكفاح المجيد)؛ من وجهة النظر الأدبية واللغوية، تعتبر هذه القصائد والتراتيل بمثابة ابتكارات هامة.
في كثير من الآداب العامية الأوروبية، يعتبر الشعر المسيحي بين أوائل الأشعار والآداب الأوروبية، وإعادة صوغ الكتاب المقدس كان في كثير من الأحيان سابق لترجمات الكتاب المقدس. فمثلًا في الشعر الإنجليزي القديم، حلم الصليب، ويتحدث الشعر عن تأمل على صلب المسيح والذي يتماهى مع الصور البطولية الجرمانية، وينطبق هذا على يسوع، هي واحدة من المعالم الشعرية الأقدم الموجودة في الأدب الإنجليزي القديم. دانتي أليغييري في ملحمته الشعريةالكوميديا الإلهية يمثل واحد من أقدم المعالم الشعرية للأدب العامي الإيطالي. كذلك فان الكثير من الشعر القديم الأيرلندي كتبه رهبان إيرلنديون وبالتالي فتتطرق هذه الأشعر إلى مواضيع دينية. وتتكرر هذه الأشعار المسيحية المبكرة في معظم اللغات الأوروبية.
ظهر حديثًا الشعر المسيحي الحديث. وينتشر اليوم على نطاق واسع وهناك عدد من الكتاب المحدثين في المواضيع المسيحية ويظهر ذلك في كثير من قصائدهم، منهم وليام بليك، تشيسترتون وإليوت.
كان للمسيحية بشكل عام وللكنيسة الكاثوليكية بشكل خاص دور في تطوير وتألق الفن الغربي. ويتألف هذا من جميع المصنفات المرئية المنتجة في محاولة لتوضيح تعاليم المسيحية الدينية. ويشمل هذا الرسموالنحتوالفسيفساء، صنع الأدوات المعدنية، التطريز، الأيقونات وحتى العمارة. وقد لعبت الكاثوليكية والأرثوذكسية دورًا بارزا في تاريخ وتطور الفن الغربي منذ القرن الرابع على الأقل.[88] ومن المواضيع الرئيسية التي استلهمت في أعمال الفن المسيحي حياة يسوع المسيح، جنبا إلى جنب حياة تلاميذه، والقديسين، وأحداث من العهد القديم.[89]
من أوائل الفنون المسيحية التي ما زالت واضحة العيان هي اللوحات الجدارية التي رسمت على جدران المنازل وسراديب الموتى أثناء اضطهاد المسيحيين أيام الإمبراطورية الرومانية. والتوابيت الحجرية التي صنعها الرومان المسيحيين حوت تماثيل منحوتة تصور يسوعومريم وشخصيات توراتية أخرى. عقب نهاية الاضطهاد اعتمد الفن المسيحي أشكال أكثر ثراء مثل الفسيفساء والمخطوطات المزخرفة.
المنمنمات هي صورة مزخرفة في مخطوط.أنتجت عدد كبير من المنمنمات ذات المواضيع المسيحية في المقام الأول في أيرلندا، وإيطالياوالقسطنطينية. غالبية المخطوطات الباقية هي من العصور الوسطى، على الرغم من كون العديد من المخطوطات المزخرفة الباقية تعود إلى عصر النهضة جنبًا إلى جنب مع عدد محدود جدًا من العصور القديمة المتأخرة وقد حفظت الأديرة عدد هام من اللمنمنمات التاريخية.
فن الأيقونات
لقد اختلف موقف الكنائس المسيحية الشرقية والغربية تجاه الفنون خاصة تجاه مسألة التماثيل داخل الكنائس، فعلى حين رفضت كنائس القسطنطينيةوأنطاكيةوالإسكندرية ذلك وطورت فنها الخاص خاصًة فن الايقونات، فقد سمحت بها الكنيسة الكاثوليكية في روما وما يتبعها من كنائس في الغرب الأوروبي،[92] وذلك عبر استغلال الفن المسيحي الذي شيد التماثيل ذات الدلالة الدينية المسيحية، والتي استخدمت أيضاً في نشر الدين الجديد في أوساط الغرب الأوروبي الذي يعاني من الجهل بالقراءة والكتابة، وهكذا تم استغلال التماثيل المسيحية من أجل هدف تعليمي وتثقيفي بحت.[92] بينما اتبعت الكنائس المسيحية الشرقية مسار مختلف في الفنون، إذ تطور فن الايقونات خاصة في ظل الإمبراطورية البيزنطية حيث تطور فن موزاييك والفسيفساء من الرخام أو الزجاج وزخرفة المخطوطات، عقب سقوط القسطنطينية انتقل مركز فن الايقونات إلى روسيا والتي طورت أساليب جديدة في فن الايقونات، ولا تزال روسيا حتى اليوم مركز للأيقونات الشرقية. كذلك طورت الكنائس الأرثوذكسية المشرقية فنونها الخاصة التي ارتبطت بهويتها ففي الكنيسة القبطية عرفت في التصوير الجداري وفن الزخرفة القبطية كذلك الأمر بالنسبة كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية التي طورت فن إفريقي مسيحي فريد. وطورت أيضًا كنيسة مالانكارا في الهند فن ذات عناصر هندية وسريانية.
تمركزت الحياة الروحية والفكرية في المسيحية حول الكنيسة لذا صمم المعماريون الكنائس والأديرة والمباني الدينية الأخرى، كما صمموا القلاع والحصون والمنشآت الأخرى غير الدينية. والعمارة الكنسية هو مصطلح يشير إلى الهندسة المعمارية للمباني الكنائس المسيحية. وقد تطورت أنواع هذه العمارة على مدى الفي سنة من الدين المسيحي، وذلك عن طريق الابتكار، من خلال التشبه الطرز المعمارية الأخرى، فضلًا عن الاستجابة للمعتقدات والممارسات والتقاليد المحلية. من ولادة المسيحية وحتى الآن، كان للمسيحية اثر في تطور العمارةوالهندسة المعمارية من خلال التصاميم المسيحية للكنائس من العمارة البيزنطية، والكنائس والاديرة الرومانية، الكاتدرائيات القوطية وكنائس عصر النهضة.[93] وكانت هذه المباني الكبيرة، مركزًا معماريًا مرموقًا ومن البناي المهيمنة في المدن والريف. وقد طوّرت العمارة المسيحية تقنيّات وفنون وديكورات الهندسة المعمارية.[93]
الفلسفة المسيحية هو مصطلح لوصف انصهار مختلف مجالات الفلسفة اللاهوتية مع المذاهب المسيحية. كانت الطريقة المدرسية وهو ما يعني «الذي ينتمي إلى المدرسة»، طريقة التعليم الأساسية التي درسن من قبل الأكاديميين في الجامعات الأوروبية في القرون الوسطى. الطريقة المدرسية هي فلسفة للتوفيق بين فلسفة فلاسفة العصور الكلاسيكية القديمة مع اللاهوت المسيحي في القرون الوسطى.
يعتبر اللاهوتي والفيلسوف توما الأكويني، أحد الشخصيات المؤثرة في مذهب اللاهوت الطبيعي، وهو أبو المدرسة التوماوية في الفلسفةواللاهوت. تأثيره واسع النطاق على الفلسفة الغربية، وكثيرٌ من أفكار الفلسفة الغربية الحديثة هي إما ثورة ضد أفكاره أو اتفاقٌ معها، خصوصاً في مسائل الأخلاق والقانون الطبيعي ونظرية السياسة. وقد الف العديد من المؤلفات عن الفلسفة وتعتبر إحدى الأعمال الأكثر تأثيرا في الأدب الغربي.[94]
في عام في 530 كتب بندكتس كتاب الحكمة الرهبانية، والذي أصبح نموذجا لتنظيم الأديرة في جميع أنحاء أوروبا.[106] هذه الأديرة الجديدة حافظت على الحرف التقليدية والمهارات الفنية وحافظت أيضًا على الثقافة الفكرية والمخطوطات القديمة داخل مدارسها ومكتباتها. فضلًا عن توفير حياة روحية لرهبانها، كانت الأديرة أيضًا مركز إنتاج زراعي واقتصادي، لا سيما في المناطق النائية، وأصبحت الأديرة إحدى القنوات الرئيسية للحضارة.[107]
بعد إصلاح كلونياك داخل الأديرة الرهبانية عام 910، تطورت الاديرة وتوسعت وأصبحت مركز علمي وتكنولوجي.[108] فقدمت الاديرة عدة اختراعات وابتكارات وتم الحفاظ داخل الاديرة على الآداب والمخطوطات والعلوم القديمة. كما وتم بناء داخل الاديرة مدارس ومكتبات.[109][110] كما ألف الرهبان في أديرتهم عدد من الموسوعات المتخصصة بالمسيحية ومواضيع أخرى، وألّف القديس إيزيدور من إشبيلية، أحد أهم علماء العصور الوسطى، موسوعة شاملة اُعتبرت إحدى أهم معارف القرون الوسطى.[111]
ظهرت خلال القرون الوسطى مدارس قرب الكنائسوالكتدرائيات، ودعيت بمدارس الكاتدرائية. وكانت هذه المداراس مراكز للتعليم المتقدم، وبعض من هذه المدارس أصبحت في نهاية المطاف الجامعات الأولى في الغرب وبذلك يشير الباحثين إلى كون الجامعة ذات جذور مسيحية.[112][113] واعتبرت مدرسة كاتدرائية شارتر أكثر المدارس شهرةً وتأثيرًا. وكانت الجامعات المسيحية في العصور الوسطى في دول أوروبا الغربية، قد شجعت حرية البحث وخرّجت مجموعة كبيرة ومتنوعة من العلماء والفلاسفة.[114] وتعتبر جامعة بولونيا ذات الأصول المسيحية أقدم جامعة في العالم.[97] بفضل الرهبان المسيحيين تم الحفاظ على الروح العلمية التي قادت الثورة العلمية.
التكنولوجيا في العصور الوسطى مصطلح يشير إلى التكنولوجيا المستخدمة في أوروبا في القرون الوسطى تحت الحكم المسيحي. بعد عصر النهضة مع حلول القرن الثاني عشر، شهدت أوروبا في العصور الوسطى إلى تغيير جذري في معدل الاختراعات الجديدة والابتكارات في طرق إدارة الوسائل التقليدية للإنتاج والنمو الاقتصادي.[115] شهدت فترة التقدم التكنولوجي الرئيسية، بما في ذلك اعتماد الإسطرلاب والبارود، واختراع النظارات، وتحسنت كثيرًا عمل مصانع المياه وتقنيات البناء، والزراعة بشكل عام، وصناعة الساعات، والسفن. وتقدم تقنية السفن كانت السبب لبداية عصر الاستكشاف. كذلك كان لتطوير مصانع المياه أهمية حضارية كبرى، وامتدت التطورات من الزراعة إلى مناشر الخشب، واستمدت ذلك من التكنولوجيا الرومانية. وبحلول نهاية القرون الوسطى كانت معظم القرى الكبيرة في بريطانيا تحوي المطاحن. كما أنها كانت تستخدم على نطاق واسع في مجال التعدين.
حصل تقدم هام في مجال الملاحة رافقه تطوير البوصلة والإسطرلاب جنبًا إلى جنب مع التقدم في بناء السفن، وتمكين الملاحة للمحيطات العالم وبالتالي السيطرة على التجارة العالمية والاقتصادية. طبع بيبل غوتنبرغ، أول طبعة للكتاب المقدس، طبعها يوهان غوتنبرغ، وله أهمية كبيرة في بدء ثورة وعصر الطباعة، والتي أتاحت نشر العلم والثقافة بين عامة الناس.
خلال عصر النهضة، تقدمت العلوم تقدمًا كبيرًا في مجالات الفلك والجغرافيا والكيمياء والفيزياء والرياضيات والتصنيع والهندسة. تم تسريع إعادة اكتشاف النصوص العلمية القديمة بعد سقوط القسطنطينية عام 1453، واختراع الطباعة التي كان من شأنها نشر التعليم والسماح بانتشار أسرع للأفكار الجديدة.
أسس إغناطيوس دي لويولا الإسباني جمعية اليسوعيين في عام 1540. واُعتبر اليسوعيين نخبة المجتمع الأوروبي وعمل عدد منهم كمربين للملوك في الدول الكاثوليكية. ومع افتتاح عصر التبشير وصل اليسوعيين إلى الهندواليابانوالصينوكندا وأميركا الوسطى والجنوبية وأستراليا وبنوا عدد كبير من المؤسسات التعليمية.[135] وخرّجت مدارسهم وجامعتهم نخبة وصفوة المجتمعات الغربية. وبالتالي تاريخيًا كانت الرهبانية اليسوعية من أهم رعاة العلوم في الكنيسة الكاثوليكية، فقد أنشأ اليسوعيين عدد كبير من الجامعات والمدارس والكليّات والمؤسسات التعليمية المرموقة، مما أدى إلى نشاط عدد منهم في العلوم. وشكلت جامعات اليسوعيين معاقل للفكر والعلم ومن مراكز النخبة الثقافية.[136]
اليسوعيين ساهموا في تطوير ساعات البندول، البارومترات، التلسكوبات والمجاهر، البصريات والكهرباء المغناطيسية، وفي كافة المجالات العلمية المختلفة. لاحظوا، في بعض الحالات قبل أي شخص آخر، المجموعات الملونة على سطح المشتري، وسديم المرأة المسلسلة وحلقات زحل.
رسموا خرائط النجوم لنصف الكرة الجنوبي، وأطلقوا نظرية المنطق الرمزي، وأوجدوا تدابير مراقبة الفيضانات في الأنهار وأدخلوا علامات الجمعوالطرح في الرياضيات، كانت كل هذه الإنجازات النموذجية اليسوعية، ولا تستطيع عدم احتساب اليسوعيون عند الحديث عن العلماء المؤثرين أمثال فيرما، هيغنز ونيوتن.
وبسبب الإسهامات الكبيرة لليسوعيين في تطوير علم الزلازل الكبيرة فقد أطلق على علم الزلال «بالعلوم اليسوعية».[138] وكما وقد وُصف اليسوعيون بأنهم المساهمون الوحيدين والأهم في الفيزياء التجريبية في القرن السابع عشر.[139] بالإضافة إلى أن فقد تمت تسمية 35 من الفوهات على سطح القمر على أسماء علماء وريضاتيين يسوعيين.[140]
واستنادًا إلى روبرت ميرتون فأن العلاقة بين الانتماء الديني والاهتمام بالعلم هو نتيجة لتضافر كبير بين القيم البروتستانتية وتلك في العلوم الحديثة.[144] وقد شجعت القيم البروتستانتية على البحث العلمي من خلال السماح بالعلم لتحديد تأثير الله على العالم، وبالتالي يتم تقديم مبررات دينية لأغراض البحث العلمي.[143] وتاريخيًا فالبروتستانتية لم تدخل في صراع مع العلم.[145] وكان روبرت ميرتون قد أسند نظريته بسبب كون أغلب العلماء في الجمعية الملكية وهي من المؤسسات العلمية المرموقة من البروتستانت.[142] وكانت قد سبقه عدد الباحثين في اعتبار أخلاق العمل البروتستانتية كقيم الموثوقية، والادخار، والتواضع، والصدق، والمثابرة والتسامح، أحد أسباب نشأة الثورة الصناعية.[146] وسبب لتطور المجتمع اقتصاديًا ودافع لتطوير العلوم وواحدة من المحركات الدافعة لبنية المجتمع العلمي، كون البروتستانتية تركز على الاجتهاد وتعطي مكانة مميزة للدراسة والمعرفةوالعقل.[147][148]
المسيحية تنمو وتزيد بنسبة 1.43%، وبالتالي هي قريبة من النمو السكاني، وهو 1.39%. المسيحية تنمو بشكل خاص تقريبا في العالم الثالث، في حين أن الدين يعود جزءً كبير من العالم الغربي، حيث يعتنق المسيحية سنوياً حوالي 30 مليون شخص من خلفيات دينية مختلفة (معتنقين جدد)، أي حوالي 23,000 شخص يومياً.[154][155]
المسيحية تعتبر أكبر أديان العالم وقد ازداد وقد تزايد عدد المسيحيين حول العالم بنسبة 4 أضعاف خلال المئة عام المنصرمة،[149] من 660 مليون إلى 2.2 مليار إنسان أي 33.32% من سكان الأرض، وهي بذلك تشكل أكبر ديانة في العالم.[159][160]
تعد الديانة المسيحية إلى حد كبير الدين الرئيس في أوروبا. بدأت المسيحية في جنوب غربي آسيا لكنها نمت في أوروبا فأصبحت أكبر الديانات من حيث عدد معتنقيها وأكثرها أثرًا ونفوذًا. فاستنادًا إلى إحصائية مركز الأبحاث الأميركي لعام 2011 يُشكّل المسيحيين 76.2% من سكان أوروبا وفي أوروبا يتواجد أكبر تجمع مسيحي في العالم،[151]
اليوم يعرّف 76.2% من الأوروبيين أنفسهم كمسيحيين وتصل أعدادهم إلى 565,560,000، الكاثوليك هم أكبر جماعة مسيحية في أوروبا ويشكلون نسبة 46.3% من مجمل مسيحيين أوروبا، بينما الأرثوذكس 35.4%، أما البروتستانت فبالرغم من كون أوروبا منشأ البروتستانتية فنسبة البروتستانت من مسيحيي أوروبا هي 17.8%.[151]روسيا هي أكبر دولة مسيحية في أوروبا من حيث عدد السكان، تليها إيطالياوألمانيا.
لعبت المسيحية دورًا هامًا في تشكيل ثقافة أمريكا الشمالية، ففي الولايات المتحدة على الرغم من إن المجتمع الأميركي يتكون من أقوام وأديان مختلفة إلا أن الآنجلوساكسون البيض البروتستانت هم الذين أعطوا للولايات المتحدة الأميركية هويتها السياسية والثقافية والدينية والاقتصادية.[168] واليوم الواسب هم النخبة والطبقة الثرية والمتعلمة في الولايات المتحدة،[169] وهم بمثابة النخبة الاجتماعية التي تتحكم في الاقتصادوالسياسةوالمجتمع الأمريكي.[170] وكان لأخلاق العمل البروتستانتية كقيم الموثوقية، والادخار، والتواضع، والصدق، والمثابرة والتسامح، أحد أسباب نشأة الثورة الصناعية. وسبب لتطور المجتمع اقتصاديًا ودافع لتطوير العلوم وواحدة من المحركات الدافعة لبنية المجتمع العلمي، كون البروتستانتية تركز على الاجتهاد وتعطي مكانة مميزة للدراسة والمعرفةوالعقل.[147][148] ومن المذاهب البروتستانتية في أمريكا الشمالية التي التي عُرفت بكثرة حضور العلماء، هي جمعية الأصدقاء الدينية أو الكويكرز، حيث حضور العلماء الكويكرز في الجمعية الملكية البريطانية وجوائز نوبل هو أعلى مقارنة مع طوائف وديانات أخرى وبنسبة تفوق نسبتهم السكانية.[171]
ويشير بعض الباحثين إلى دور التطهريين وهم من الكالفينين في الاقتصادوالرأسمالية في الولايات المتحدة الأمريكية. فقد حثت تعاليمهم بان يكونوا منتجين بدلاً من مستهلكين ويستثمروا أرباحهم لخلق المزيد من فرص العمل لمن يحتاج وبذلك تمكنهم في المساهمة في بناء مجتمع منتج وحيوي.[172] ومن الآثار المهمة للحركة التطهرية، بسبب تأكيدها حرية الفرد، ظهور برجوازية جديدة، فالحرية الفردية وما رافقها من نجاح في مجال الصناعة، جعل أتباع البيوريتانية يهتمون بالثروة والمتعة وحب التملك بدلاً من البحث عن خيرات الأرض بالسعي والجد.[173]
حسب إحصائية مركز البحاث الأميركي بيو يعيش اليوم في إفريقيا 516,470,000 مسيحي ويُشكلّون حوالي 62.7% من سكان إفريقيا جنوب الصحراء، و23.6% من مسيحيي العالم، في حين يشكّل البروتستانت أكثر من نصف مسيحيي إفريقيا (57.2%) من مجمل مسيحيين إفريقيا، بينما الكاثوليك 34.1%، في حين تصل نسبة الأرثوذكس إلى 7.8% من مجمل المسيحيين في إفريقيا.[181]
وجدت المسيحية في إثيوبيا قبل عيزانا الملك حاكم مملكة أكسوم، وأعلنت المسيحية على أنها دين الدولة في سنة 330 لتصبح واحدة من الدول المسيحية الأولى في العالم.[183] أقرب ذكر لمرجع معروف في كيفية دخول المسيحية إلى ‘فريقيا في أعمال الكتاب المقدس المسيحي من الرسل، وتنتمي إلى تحويل وفيليب المبشر للمسافر الإثيوبية في القرن الميلادي الأول. على الرغم من أن الكتاب هو الكتاب المقدس. ظهرت في منطقة القرن الإفريقيثقافة مسيحية خاصة ومميزة وفريدة من نوعها خاصةً في العمارة الكنسية ومن أبرز مآثر الهندسة المعمارية المسيحية المشرقية هي كنائس أكسوم، ديبرا دامو واليبيلا في أمهارة وفي شيوة. جدير بالذكر أنّ انتشرت المسيحية في شمال إفريقيا وشرقها عن طريق تلاميذ المسيح أبرزهم كان مرقس، بالمقابل فالمجتمعات المسيحية في إفريقيا جنوب الصحراء هي نتاج العمل التبشيري الأوروبي.[184]
ازداد عدد المسيحيين في القارة الإفريقية من 10 ملايين إلى 482 مليون أي بمثابة 47% من سكان إفريقيا، وتشهد المسيحية في الآونة الأخيرة نمو دراميكي في القارة الإفريقية إذ يتوقع الخبراء أن تصل أعداد المسيحيين في سنة 2025 إلى 633 مليون مسيحي."[185] خاصةً مع نمو المسيحية وازدهارها في إفريقياوآسيا، وانتقال الثقل المسيحي إلى جنوب الكرة الأرضية.[186]
أثرت المسيحية على الثقافة والحضارة في أوقيانوسيا، خاصة في العمارةوالتعليموالصحة مثلًا تعتبر مؤسسة الصحة الكاثوليكية أكبر مؤسسة اجتماعية غير حكومية في أستراليا، إذا تمثل حوالي 10% من القطاع الصحي.[188] كذلك حوالي ربع الطلاب يدرسون في مدارس الكنيسة والمنظمات المسيحية وتقود المنظمات غير الحكومية لتوفير الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية من خلال منظمات مثل كاثوليكية وبروتستانتية مثل جيش الخلاص وسانت فنسنت دي بول، كذلك فان الأعياد المسيحية مثل عيد الفصحوعيد الميلاد هي عطل رسمية في دول أوقيانيسيا.
يعتنق 92.1% من سكان جزر ميلانيزيا الديانة المسيحيّة؛ وتتصدر المذاهب البروتستانتيّة كأكبر الطوائف المسيحيّة في جزر ميلانيزيا ويُعتبر مذهب الميثوديّة أكبر المذاهب المسيحيّة في جزر ميلانيزيا. وتشكّل المسيحيّة نسبة 93.1% من السكان في مجموعة جزر مايكرونيزيا، أكثر من نصف المسيحيين (60%) في مجموعة جزر مايكرونيزيا هم من الكاثوليك في حين أن النسبة الباقية هي من نصيب الطوائف البروتستانتيّة. ويعتنق 96.1% من سكان مجموعة جزر بولنيزياالديانة المسيحية؛ أكثر من نصف المسيحيين (52.6%) في مجموعة جزر بولنيزيا هم من البروتستانت بالأخص أتباع مذهب الأبرشانيّ في حين أنّ النسبة المتبقيّة من نصيب الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.
العلاقة بين الكنيسة والدولة تقوم في الفهم المسيحي الحديث، على الفصل بين المؤسسة الدينية والمؤسسات الزمنية في شؤون السياسة والإدارة والأحزاب. تعرّف الكنيسة عن ذاتها بوصفها «كيان ذي رسالة روحية، وليس ذي رسالة سياسية»،[189] ولذلك فإنّ «الشأن السياسي لا يدخل مباشرة في رسالتها»،[190] فهي تعمل في كنف الدول وفي طاعتها. وتعارض القوانين التي تقرها الحكومات ضد الحقوق التي تراها الكنيسة إلزامية مثل الإجهاض أو القتل الرحيم، وتدعم بشكل خاص، القوانين التي تعزز العدالة الاجتماعية والإنماء المتوازن بين الطبقات، في هذا السياق قال البابا بندكت السادس عشر: «إن اللامساواة الجائرة، وأشكال الإكراه المختلفة، التي تطال اليوم الملايين من الرجال والنساء، تتنافى تنافيًا صريحًا مع إنجيل المسيح، ومن شأنها ألا تدع ضمير أي مسيحي مرتاحًا».[191]المجمع الفاتيكاني الثاني قال إن الكنيسة أوكلت المسيحيين شؤون إدارة العالم، والعمل السياسي والحزبي، أما هي فلا تدعم الأحزاب أو تعارضها، إلا في الحالات الاستثنائية، مثل معارضة الحزب الشيوعي لمساسه بالعقيدة وحرية الكنيسة خلال مرحلة الحرب الباردة.
الحد الفاصل بين السلطة المدنية والسلطة الدينية، والذي يجد صداه في العهد الجديد (انظر مثلاً روما 13: 1)، نما باطراد منذ المجمع اللاتراني الأول في القرون الوسطى وحتى الأيام المعاصرة، ودخل بمراحل اصطدامية مثل مرحلة الثورة الفرنسية. في المقابل، تطلب الكنيسة، عدم تدخل الدولة في أنظمتها الخاصة، أو أملاكها أو تعليمها أو إدارتها.
هذا النهج، مطبق بشكل كبير إنما غير كامل، في البلدان التي تحوي كنيسة وطنية، مثل بريطانيا. ويتمثل الفرق، بالاعتراف بدين للدولة، وبكون الملك رأس كنيسة الوطن؛ بكل الأحوال فإن الكنيسة لا تتدخل في شؤون السياسة حتى في حال الكنيسة الوطنية. الكنيسة الوطنية وهو مفهوم حول كنيسة مسيحية مرتبطة بجماعة عرقية محددة أو الدولة القومية؛ لا تزال حاضرًا في عدد من الدول الأرثوذكسية والبروتستانتية مثل انجلتراوالدول الإسكندنافية على وجه الخصوص. وتشكل الكنائس الوطنية هوية أساسية ذات أهمية حضارية وثقافة لشعوب نفوذها الديني.
في اطار المسيحية يتم تعريف استقاء القوانين من ثلاث مصادر القانون الكنسي ومصدره الكتاب المقدس جنبًا إلى جنب قوانين الرسل (الدسقولية والديداخي) وكتابات آباء الكنيسةوالمجامع، وهو عبارة عن نظام أساسي لمجموعة القوانين والأنظمة الصادرة أو التي اعتمدتها السلطة الكنسية، وتحدد وتنظم هذه القوانين العمل الكنسي لمختلف الطوائف المسيحية، وهي عبارة أيضًا عن قواعد ملزمة والتي تحكم علاقات الأفراد ومعاملاتهم بالله وبالناس وبالمجتمع وتخضع للمصادر الكنسية المسيحية، ولا تنصرف فقط إلى مسائل الأحوال الشخصية من زواج وتفريق وغيره من مسائل الحالة الشخصية، ولكن أيضًا إلى تطبيق المصادر المسيحية الكنسية المعترف بها.
وقد تم استخدام القانون الكنسي في مختلف البلدان الأوروبية، وخصوصًا وسط وغرب أوروبا (باستثناء المملكة المتحدة). وتستند هذه القوانين على القواعد الدينيّة الكاثوليكيّة. تأثير القانون الكنسي كبير حتى اليوم فالقوانين الحديثة للدول الأوروبية مثل فرنساوإيطالياوألمانيا وغيرها استقت من القانون الكنسي.
القانون الكنسي للكنيسة الكاثوليكية قد وضعته الكنيسة الكاثوليكية لتنظيم ومراقبة حقوق وواجبات أعضائها. ومثل ذلك كان مرتبطًا بشكل مباشر مع القانون المدني، حيث أن القانون المدني ممثل لسلطة الإمبراطور، والذي كان أيضًا مرتبط ارتباطًا مباشرًا مع القانون الكنسي والقانون الروحي الذي يمثل السلطة البابوية. المحاكم كانت منفصلة: نظام مدني وكنسي. بعض السلطات القضائية كان فيها تداخل.
الديمقراطية المسيحية هي أيديولوجية سياسية تسعى لتطبيق المبادئ المسيحية في الحياة السياسة العامة. ظهرت في أوروبا في القرن التاسع عشر، تحت تأثير التعاليم الاجتماعية الكاثوليكية. في عدد من البلدان، ضعفت روح الديمقراطية المسيحية من قبل العلمانية. في الممارسة العملية، غالبًا ما تعتبر الأحزاب الديمقراطية المسيحية أحزابًا محافظة في القضايا الثقافية والاجتماعية والأخلاقية وتقدمية بشأن القضايا المالية والاقتصادية. في عدد من الدول حيث خصومهم تقليديًا الاشتراكيين العلمانيين والديمقراطيين الاجتماعيين، الأحزاب الديمقراطية المسيحية المحافظة هي معتدلة، في حين أنه في بيئات ودول أخرى تختلف ثقافيًا وسياسيًا يمكن أن تميل إلى اليسار. غالبية دول العالم المسيحي خاصةً في أوروبا وأمريكا اللاتينية تملك حزب ديموقراطي مسيحي. وإن ضعفت في عدد من البلدان بسبب العلمنة، فهي تسيطر مثلاً على الأغلبية في البرلمان الأوروبي.[218]
دور النساء
أثرت الكنيسة على النظرة الاجتماعية للمرأة في جميع أنحاء العالم بطرق هامة، حسب بعض المؤرخين أمثال جيوفيري بلايني.[219] أما في تاريخ المسيحية، فبدوره لعبت النساء أدوارًا متعددة إن كان في السلك الرهباني أو العلماني، كاللاهوتيات، والراهبات، والملكات، والصوفيات والشهداء، والممرضات، والمعلمات وحتى مؤسسات مذاهب.[220] علمًا أنه وكما يتضح من إنجيل لوقا، فإن ليسوع نفسه أتباعًا من النساء.
لعلّ القديسة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين والقديسة مونيكا والدة القديس أوغسطينوس، من أكثر النساء تأثيرًا في التاريخ الكنسي، أما في العصور الوسطى تزايدت الأعلام النسويّة البارزة وأدوارها القيادية في الأديرة مثل القديسة كلارا الأسيزي، وحتى سياسيات وعسكريات أمثال القديسة جان دارك «شفيعة فرنسا»، وإليزابيث الأولى ملكة إنكلترا التي ركّزت المذهب البروتستانتي في البلاد والإمبراطورة البيزنطية تيودورا والتي بدورها دعمت الأرثوذكسية اللاخليقدونية في الإمبراطورية البيزنطية، أما من مؤسسات المذاهب سطعت إيلين وايت مؤسسة الأدفنتست وماري بيكر إيدي مؤسسة العلم المسيحي. في القرن العشرين، أطلقت الكنيسة الكاثوليكية لقب معلم الكنيسة الجامعة على ثلاثة نساء هنّ القديسة الإسبانية تريزا الإفيلية، والقديسة كاترين السينائيّة والراهبة الفرنسية القديسة تيريز الطفل يسوع. يُذكر أيضًا الأم تريزا التي نافحت عن العدالة الاجتماعية ورعت مساعدة الفقرات وحازت على جائزة نوبل للسلام.
اعتبرت الكنيسة علاقتها مع مريم العذراء علاقة بنوّة، وهو ما أثر على عدد وافر من الفنانين في صورة مريم العذراء والتي أطلق عليها لقب السيّدة أو مادونا. وكانت موضوعًا محوريًا للفن والموسيقى الغربية والأمومة والأسرة، فضلاً عن ترسيخ مفاهيم التراحم والأمومة في قلب الحضارة الغربية، كما يعتقد عدد وافر من الباحثين منهم آليستر ماكراث؛ وعلى العكس من ذلك، فقد أثرت القصة التوراتية لدور حواء على النظرة للمرأة في المفهوم الغربي بوصفها «الفاتنة».[221]
غير أن الأمر لا يخلو من الانتقادات، إذ إن الكنيسة الكاثوليكيةوالأرثوذكسية ترفض منح سر الكهنوت للمرأة.[222][223] ما وجده البعض انتقاصًا من حقوق المرأة ومساواتها؛ عمومًا ذلك لا يمنع التأثير الكبير لها في المؤسسات المسيحية وخاصة في الرهبنات وما يتبع لها من مؤسسات، كما كانت هناك العديد من القديسيات في هذه الكنائس.
شجّعت الكنيسة الكاثوليكية على التبرع ومساعدة من هم بحاجة. وكان آباء الكنيسة قد أشادوا في أعمال الصدقة والخير.[225] ويرى المؤرخ الآن كوهين في أن تعاليم يسوع في رفع قيمة الفقراء كانت ثورة في عالم الفقر والثروة إذ كانت فكرة الإحسان واحترام الفقراء غائبة في الفكر الروماني واليوناني.[226] وما تزال عقلية التبرع ومساعدة الغير راسخة في الفكر الغربي.[227]
سمح مفهوم البروتستانتية حول الله والإنسان لظهور حرية الفكر والانضباط والعمل. الذي كان يركز على الأعمال الدنيوية ويعتبر العمل كواجب يستفيد منه كل من الفرد والمجتمع ككل، وبالتالي شجعت البروتستانتية على تراكم الثروات واعتبرتها نعمة من عند الله متأثرة في ذلك في العهد القديم.[228] وهكذا، تحولت فكرة الكاثوليكية من أعمال الرب إلى الالتزام بالعمل الجاد كدليل على نعمة. واستنادًا إلى ماكس فيبر فأخلاق العمل البروتستانتية، خاصةً المذهب الكالفيني، من انضباط وعمل شاق وإخلاص، كانت وراء ظهور العقلية الرأسمالية في أوروبا،[229]: وذلك لقولها بأن النجاح على الصعيد المادي هو دلالة على نعمة إلهية واختيار مسبق للخلاص.[230] فقد حثت تعاليمهم بان يكونوا منتجين بدلاً من مستهلكين ويستثمروا أرباحهم لخلق المزيد من فرص العمل لمن يحتاج وبذلك تمكنهم في المساهمة في بناء مجتمع منتج وحيوي.[172] ومن الآثار المهمة للحركة الكالفينية، بسبب تأكيدها حرية الفرد، ظهور برجوازية جديدة، فالحرية الفردية وما رافقها من نجاح في مجال الصناعة، جعل أتباع الكالفينية يهتمون بالثروة والمتعة وحب التملك بدلاً من البحث عن خيرات الأرض بالسعي والجد.[173] كان لأخلاق العمل البروتستانتية كقيم الموثوقية، والادخار، والتواضع، والصدق، والمثابرة والتسامح، أحد أسباب نشأة الثورة الصناعية.[146]
في دراسة معروفة قام بها عدد من الباحثين في مطلع الألفية ويمكن اختصار اسمها كالتالي: (CMRP) وجد عدد من الباحثين أن المجتمعات التي تسيطر عليها الثقافة البروتستانتية تشمل الولايات المتحدة، الدول الإسكندنافية، ألمانيا، المملكة المتحدة، هولندا، سويسرا، كندا، أسترالياونيوزيلندا تميل إلى العمل والاجتهاد والإنجاز والابتكار أكثر من المجتمعات التي تسيطر عليها ثقافات دينية أخرى مثل الكاثوليكيةوالإسلاموالبوذيةوالهندوسية.[231] ووفقًا للدراسة فالدول ذات الثقافة والأغلبية البروتستانتية لديها مؤشر التنمية البشريةوالناتج المحلي مرتفع، كما وتتربع العديد من الدول البروتستانتية قائمة أغنى دول العالم،[232] والدول الأقل فساداً في العالم.[233] ولدى العديد من المجتمعات البروتستانتية في دول غير بروتستانتية نفوذ اقتصادي كبير لا يتناسب مع وزنهم العددي يظهر ذلك على سبيل المثال في فرنسا حيث للبروتستانت نفوذ كبير في الصناعةوالاقتصادوالشركات الماليةوالبنوك[234]وكوريا الجنوبية حيث معظم الشركات الكبرى بالبلاد يديرها مسيحيون بروتستانت. واستنادًا إلى نموذج بارو وماكليري، فإن أخلاق العمل البروتستانتية قد لعبت دورًا رئيسيًا في نجاح كوريا الجنوبية في المجال الاقتصادي.[235][236]
تتألف المسيحية من ستة طوائف أو ستة عائلات كبيرة،[237] وتتفرع عن كل طائفة منها مجموعة من الكنائس أو البطريركيات التي هي ذات نظام إداري مستقل أو شبه مستقل عن سائر الكنائس أو البطريركيات؛ إنما في أمور الإيمان فهي تتبع العائلة الكبرى التي تنتمي إليها؛ وغالبًا ما يكون الاختلاف بين الكنائس المنتمية لطائفة واحدة هو في ظاهر الطقوس، لكون الطقوس ترتبط بشكل أساسي بثقافات الشعوب وحضارتها، أكثر من كونها ترتبط بالعقائد.[238]
الطوائف المسيحية الستة هي: كاثوليكية(تعني بالعربية الجامعة)، أرثوذكسية شرقية(تعني بالعربية الصراطية المستقيمة)، أرثوذكسية مشرقية، ونسطورية(نسبة إلى نسطور)، تدعى هذه الطوائف باسم الكنائس التقليدية ويمكن أن يضاف إليها الكنائس البروتستانتية الأسقفية ذلك لأن هذه الطوائف تؤمن بالتقليد وكتابات آباء الكنيسةوالمجامع إلى جانب الكتاب المقدس، فضلاً عن تمسكها بالتراتبية الهرمية للسلطة في الكنيسة والطقوس والأسرار السبعة المقدسة، الطائفتان الأخرتان هم البروتستانتية(تعني بالعربية المعترضون أو المحتجون)، ومجموعة طوائف أخرى الغير محسوبة عليها لأسباب شتى أبرزها إنكار ألوهة المسيح، تدعى هاتان الطائفتان بالكنائس الغير تقليدية، لتمسكها بالكتاب المقدس وحده ورفضها للسلطة التراتبية والأسرار السبعة.
حجم الأتباع
تأتي الكنيسة الكاثوليكية في مقدمة الطوائف المسيحية انتشارًا، حوالي 1.13 مليار نسمة (17.33% من البشرية، 51.4% من المسيحية)؛ تليها البروتستانتية حوالي 458 مليونًا (7.0% من البشرية، 20.8% من المسيحية) والأرثوذكسية الشرقية حوالي 223 مليونًا (3.42% من البشرية، 10.1% من المسيحية)؛ سائر الكنائس من أرثوذكسية مشرقية، شهود يهوه وغيرها تشكل حوالي 389 مليونًا (5.73% من البشرية، 17.6% من المسيحية).[239] بالمقابل حسب دراسة أعدّها مركز بيو حول الدين والحياة العامة في الولايات المتحدة، وجدت ان نصف المسيحيين هم من الكاثوليك، في حين يشكل البروتستانت نسبة 37%، والروم الأرثوذكس نسبتهم 12%. ويمثّل «المسيحيون الآخرون»، مثل «المورمون» و«شهود يهوه» ما نسبته 1% من مجمل المسيحيين.[149]
هناك 14 دولة في العالم ذات أغلبيَّة سكانيَّة أرثوذكسيّة.[241] وتعتبر روسيا أكبر دولة أرثوذكسية في العالم، وفيها يعيش 39% من أرثوذكس العالم، يليها كلاً من إثيوبياوأوكرانياورومانياواليونان.[241]
يُشّكِل أتباع الكنائس الپروتستانتية نسبة 37% من مجمل المسيحيين وذلك وفقًا لدراسة معهد بيو،[242] ويتواجد أكثر أتباعها في شمال أوروبا حيث يعيش حوالي 12.6% من بروتستانت العالم في أوروبا،[242] بينما يعيش 33% من البروتستانت في الأميركتين؛[242] خاصة في أميركا الشمالية و17.4% من البروتستانت يتواجدون في أستراليا وآسيا،[242] بينما يتواجد 36.9% من البروتستانت في إفريقيا؛[242] خاصة في إفريقيا الجنوبية.
كثير من الرجال والنساء في أزمنة السلم أقاموا مع جيرانهم علاقات جيدة وفي المحاولة لفهم الآخر مما أدى إلى التفاعل بين المسيحية والنظم العقائدية الأخرى،[243] وقد أدت هذه التفاعلات إلى مختلف الأحداث في الحوار بين الأديان. يسّجل التاريخ العديد من الأمثلة حول مبادرات للحوار بين الأديان على مر العصور. ظهر في الآونة الأخيرة مجال الدين المقارن، حيث يتم ربط الأفكار الأساسية في المسيحية بأخرى مماثلة في الأديان الأخرى، وذلك من أجل البحث عن قاعدة روحية مشتركة.
المسيحية نشأت وأخذت مفاهيمها الأولية من بيئة يهودية صرفة؛[244] ولا تزال آثار هذه الأصول المشتركة بادية إلى اليوم من خلال تقديس المسيحيين للتوراة والتناخ والتي يطلقون عليها إلى جانب عدد من الأسفار الأخرى اسم العهد القديم الذي يشكل القسم الأول من الكتاب المقدس لدى المسيحيين في حين يعتبر العهد الجديد القسم الثاني منه؛ يعتقد المسيحيون أن النبوءات التي دونها أنبياء العهد القديم قد تحققت في شخص المسيح، وهذا السبب الرئيس لتبجيل التوراة.
وتُعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم ذات الأغلبيّة اليهودية؛ تشير إحصاءات دائرة الإحصاء المركزية للعام 2012 أن عدد المسيحيين في إسرائيل بلغ 158,000.
كوّن المسيحيون في العصر الحديث الطبقة البرجوازية الأساسية في الشامومصر[269] والطبقة المثقفة في تركياوإيران مما جعل مساهمتهم في النهضة الاقتصادية ذات أثر كبير، على نحو ما كانوا أصحاب أثر كبير في النهضة الثقافية، وفي الثورة على الاستعمار بفكرهم ومؤلفاتهم وعملهم.[270]
لم يحصل احتكاك مبكر بين المسيحية البوذية، وعندما حصل هذا الاحتكاك خلال العصور الوسطى تزامنًا مع الحركات الاستكشافية في عصر النهضة تنوعت ردة الفعل بين الترحيب الشديد والإقبال على اعتناقها وبين الحظر والاضطهاد كما حصل في الصين،[272] تشهد الدول ذات الثقافة البوذية في الشرق الأقصى في الآونة الأخيرة ظاهرة في ازدياد معتنقي المسيحية، خاصًة في الصين التي ازداد اعداد معتنقي المسيحية.[273][274]
للمسيحية تراث عريق في الشرق الأقصى في مجالي الرعاية الصحيةوالتعليم، ففي ماكاووسنغافورةوهونغ كونغ تدير الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية عدد من المستشفيات التي تشكل أكثر من 90% من المستشفيات الخاصة.[275][276] في الصين. كانت للإرساليات البروتستانتية الأثر الأكبر في ادخال الطب الحديث للصين خاصًة من خلال المبشرين أمثال الجراح روبرت موريسون والقس جون ليفينغستون. كذلك بذل رهبان الإرساليات اليسوعية في الصينوالهند جهدًا هامًا في العلوم خاصًة في الرياضياتوالفلك والهيدروليكية والجغرافيا عن طريق ترجمة الأعمال العلمية إلى اللغة الصينية وتطويرها.[277] وبحسب توماس وودز فاليسوعيين طوّروا مجموعة كبيرة من المعارف العلمية ومجموعة واسعة من الأدوات العقلية لفهم الكون المادي، بما في ذلك الهندسة الإقليدية التي طورت مفهوم حركة الكواكب.[123] واعتبر خبير آخر نقلًا عن توماس وود وبريتون أن أحد أسباب بداية الثورة العلمية في الصين كانت بسبب نشاط اليسوعيين العلمي.[278]
حسب جدول معهد بيو تصل أعداد المسيحيّين في الدول ذات الأغلبيّة البوذية إلى 6 ملايين نسمة. أكبر التجمعات المسيحيّة في العالم البوذي تتواجد في بورماوسريلانكاوتايلند.
المسيحية هي ثالث أكبر ديانة في الهند، بعد الهندوسيةوالإسلام.[280] الديانات الإبراهيمية عموما ظهرت قبل 2500 سنة، مع ظهور اليهودية.[281] تلتها المسيحية قبل حوالي 2500 عام[282]؛ وجاءت المسيحية إلى الهند في وقت مبكر قبل قرون من وصلها إلى أوروبا.[283]
يعيش في الثلاثة دول ذات الأغلبية الهندوسية 32.3 مليون مسيحي؛ واعتبارا بتعداد السكان في عام 2007، يوجد في الهند أكثر من 24 مليون هندي مسيحي، والذين يشكلون 2.3% من سكان الدولة.[280] يوجد ثلاث مناطق تتركز فيها الكثافة المسيحية. في جنوب الهندوكونكانوأديفاسي في شرقووسطوشمال شرق الهند.
يعتبر المسيحيين في الهند أكثر المجتمعات الدينية تقدمًا.[286] وتأثير المسيحيين من سكان المناطق الحضرية يظهر جليًا في الاقتصاد فالقيم المسيحية المتأثرة من التقاليد الأوروبية تعتبر ميزة إيجابية في بيئة الأعمال والتجارة في الهند الحضرية؛ يعطى هذا كتفسير للعدد الكبير من المهنيين المسيحيين في قطاع الشركات في الهند،[287]
العالم اللاديني
اللادينية هي اتجاه فكري يرفض مرجعية الدين في حياة الإنسان ويؤمن بحق الإنسان في رسم حاضره ومستقبله واختيار مصيره بنفسه دون وصاية دين أو الالتزام بشريعة دينية، وترى أن النص الديني هو مجرد نص بشري محض لا ينطوي على قداسة خاصة ولا يعبر عن الحقيقة المطلقة.
واللادينية ضمن هذا الفهم تختلف عن المفهوم التقليدي للإلحاد الذي يتخذ من قضية إنكار وجود الخالق منطلقا وركيزة أساسية، إذ تقدم اللادينية تصورا أكثر شمولا واتساعا للدين، فلا تختزل الدين بمجرد إلهية وإنما تطرح الإلهية باعتبارها جزءا صغيرا من منظومة فكرية واسعة، ومن هذا المنطلق فإن كل ملحد هو لاديني ولكن اللاديني ليس ملحدا بالضرورة بل تحمل اللادينية أطيافا متعددة لفهم الإلهية من الإنكار الكامل لها مرورا باللاأدرية أو عدم الاكتراث أصلا بوجود إله وانتهاء بإيمان خاص بوجود إله وفق فهم محدود لعلاقته بالإنسان.
تصل أعداد المسيحيّين في الدول ذات الأغلبيّة اللادينيّة إلى 77.1 مليون نسمة؛ أكبرها تتواجد في الصين، التشيك، اليابانوهونغ كونغ. وحسب جدول معهد بيو تصل أعداد المسيحيّين في الدول بلا أغلبيّة دينيّة واضحة حوالي 35 مليون نسمة أكبرها تواجد في كوريا الجنوبية.
^Kingdom is within: "The kingdom of God does not come with observation; nor will they say, ‘See here!’ or ‘See there!’ For indeed, the kingdom of God is within [or among] you." Luke 17:20-21
^The name "Corpus Juris Civilis" occurs for the first time in 1583 as the title of a complete edition of the Justinianic code by Dionysius Godofredus. (Kunkel, W. An Introduction to Roman Legal and Constitutional History. Oxford 1966 (translated into English by J.M. Kelly), p. 157, n. 2)
^A. K. Irvine, "Review: The Different Collections of Nägś Hymns in Ethiopic Literature and Their Contributions." Bulletin of the School of Oriental and African Studies, University of London. School of Oriental and African Studies, 1985.
^Pryds، Darleen (2000)، "Studia as Royal Offices: Mediterranean Universities of Medieval Europe"، في Courtenay، William J.؛ Miethke، Jürgen؛ Priest، David B. (المحررون)، Universities and Schooling in Medieval Society، Education and Society in the Middle Ages and Renaissance، Leiden: Brill، ج. 10، ص. 83، ISBN:90-04-11351-7، ISSN:0926-6070، In his magisterial work on European universities, Hastings Rashdall [considered that] the integrity of a university is preserved only when the institution evolved into an internally regulated corporation of scholars, be they students or masters.
^Seymour-Smith, Martin (1998). The 100 Most Influential Books Ever Written: The History of Thought from Ancient Times to Today, Citadel Press, Secaucus, NJ, 1998, ISBN 0-8065-2000-0.
^Émile Mâle, L'art religieuse du XIIIe siècle en France (1898) devotes a full chapter to Legenda Aurea، which he avowed was his principal guide for the أيكونغرافيا of saints.
^Ross, James F., "Thomas Aquinas, Summa theologiae (ca. 1273), Christian Wisdom Explained Philosophically", in The Classics of Western Philosophy: A Reader's Guide, (eds.) Jorge J. E. Gracia, Gregory M. Reichberg, Bernard N. Schumacher (Oxford: Blackwell Publishing, 2003), p. 165. [1]نسخة محفوظة 14 أبريل 2015 على موقع واي باك مشين.
^The faculty was composed exclusively of philosophers, scientists, rhetoricians, and فقه اللغة (Tatakes، Vasileios N. (2003). Byzantine Philosophy. Hackett Publishing. ص. 189. ISBN:0-872-20563-0. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة))
^Anastos، Milton V. (1962). "The History of Byzantine Science. Report on the Dumbarton Oaks Symposium of 1961". Dumbarton Oaks Papers. Dumbarton Oaks, Trustees for Harvard University. ج. 16: 409–411. DOI:10.2307/1291170. JSTOR:1291170. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط |تاريخ الوصول بحاجة لـ |مسار= (مساعدة)
^MacFarlane 1980:4; MacFarlane translates Etymologiae viii.
^Rüegg, Walter: "Foreword. The University as a European Institution", in: A History of the University in Europe. Vol. 1: Universities in the Middle Ages, Cambridge University Press, 1992, ISBN 0-521-36105-2, pp. XIX–XX
^Alfred Crosby described some of this technological revolution in his The Measure of Reality : Quantification in Western Europe, 1250–1600 and other major historians of technology have also noted it.
^Princeton University Office of Communications. "Princeton in the American Revolution". مؤرشف من الأصل في 2012-01-21. اطلع عليه بتاريخ 2011-05-24. The original Trustees of Princeton University "were acting in behalf of the evangelical or New Light wing of the Presbyterian Church, but the College had no legal or constitutional identification with that denomination. Its doors were to be open to all students, 'any different sentiments in religion notwithstanding.'"
^Despite some official documentation (marriage registrations being a common example) describing the Church of Scotland as the "Established Church" the Kirk has always disclaimed that status.[محل شك] This was eventually acknowledged by the United Kingdom government within the Church of Scotland Act 1921. Since it has thus never been legally established it cannot be disestablished.[بحاجة لمصدر]
^"The Constitution of the Italian Republic"(PDF). مؤرشف من الأصل(PDF) في 2019-05-21. The State and the Catholic Church are independent and sovereign, each within its own sphere. Their relations are regulated by the Lateran pacts. Amendments to such Pacts which are accepted by both parties shall not require the procedure of constitutional amendments. [...] Denominations other than Catholicism have the right to self-organisation according to their own statutes, provided these do not conflict with Italian law. Their relations with the State are regulated by law, based on agreements with their respective representatives.
^"Constitution of the Republic of Paraguay". مؤرشف من الأصل في 2018-12-07. The role played by the Catholic Church in the historical and cultural formation of the Republic is hereby recognized.
^"Constitution of the Republic of Peru"(PDF). مؤرشف من الأصل(PDF) في 2015-07-24. Within an independent and autonomous system, the State recognizes the Catholic Church as an important element in the historical, cultural, and moral formation of Peru and lends it its cooperation. The State respects other denominations and may establish forms of collaboration with them.
^"The Constitution of the Republic of Poland". 2 أبريل 1997. مؤرشف من الأصل في 2019-05-15. The relations between the Republic of Poland and the Roman Catholic Church shall be determined by international treaty concluded with the Holy See, and by statute. The relations between the Republic of Poland and other churches and religious organizations shall be determined by statutes adopted pursuant to agreements concluded between their appropriate representatives and the Council of Ministers.
^"Spanish , ,Constitution"(PDF). مؤرشف من الأصل في 2010-09-22. The public authorities shall take into account the religious beliefs of Spanish society and shall consequently maintain appropriate cooperation relations with the Catholic Church and other confessions.
^A. Heywood, Political ideologies. An introduction, New York, Macmillan, 2003, 89
^Geoffrey Blainey; A Very Short History of the World; Penguin Books, 2004
^Weber, Max "The Protestant Ethic and The Spirit of Capitalism" (Penguin Books, 2002) translated by Peter Baehr and Gordon C. Wells
^Calvin's position is expressed in a letter to a friend quoted in Le Van Baumer، Franklin, editor (1978). Main Currents of Western Thought: Readings in Western Europe Intellectual History from the Middle Ages to the Present. New Haven: Yale University Press. ISBN:0-300-02233-6. {{استشهاد بكتاب}}: |الأول= باسم عام (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Udías، Agustín (2003). Searching the Heavens and the Earth: The History of Jesuit Observatories (Astrophysics and Space Science Library). Berlin: Springer. ISBN:140201189X.
^انظر دستور المجمع الفاتيكاني الثاني في عصرنا وهو بيان في علاقة المسيحية بالأديان الأخرى، المادتين 2 و5 نسخة محفوظة 31 يناير 2012 على موقع واي باك مشين.
^Katz, Nathan; & Goldberg, Ellen S; (1993) The Last Jews of Cochin: Jewish Identity in Hindu India, Foreword by Daniel J. Elazar Columbia, SC, Univ. of South Carolina Press. ISBN 0-87249-847-6
White, Andrew Dickson. A History of the Warfare of Science with Theology in Christendom: In Two Volumes. V. 1-2. New York: D. Appleton & Co, 1903. (ed., Volume One؛ Volume Two)