كان أكسل فريدريك كرونستيد أوّل من تمكّن من عزل فلزّ النيكل، وذلك في سنة 1751، ولكنه أخطأ في البداية وظنّه معدناً من معادن النحاس؛ ثمّ تمكّن بعد ذلك من تمييزه على أنّه عنصرٍ كيميائيٍّ جديد. تُشتَقّ تسمية هذا العنصر من الأساطير الجرمانية، إذ كان ينتشر بين عمال المناجم لفظ «نيكل» للإشارة إلى اسم عفريت، والذي كان يطلق على خامة من خامات النيكل والنحاس، والتي لم يكن ينتج عن صهرها فلزّ النحاس المنشود. استُخدِمَ النيكل منذ اكتشافه في طلي الحديد والنحاس الأصفر، وفي صناعة السبائك؛ كما يكثر استخدام النيكل في سكّ النقود المعدنية. للنيكل تطبيقاتٍ عمليّةٍ أخرى في مجال التحفيز الكيميائي، مثل نيكل راني، وفي صناعة بطّاريات المَرْكبات الكهربائية.
للنيكل دورٌ حيويٌ مهمٌ لبعض النباتات، إذ تحوي بعض الإنزيمات المهمة لها على النيكل في الموقع النشط. من جهةٍ أخرى، قد يسبّب تماس الجلد لدى البعض مع الأشياء المصنوعة من النيكل إلى حدوث حالة من التهاب الجلد التماسي التحسّسي، والمعروفة باسم «حساسية النيكل».
التاريخ وأصل التسمية
بسبب سهولة الخلط بين خامات النيكل وبين خامات الفضّةوالنحاس، فلم تفهم خواص فلزّ النيكل فهماً كاملاً إلّا في العصور الحديثة نسبياً. مع ذلك، فإنّ النيكل المرافق لخامات النحاس والفضّة قد بُرْهِنَ على دخوله بنسبة عظمى تصل إلى 2% من تركيب قطع أثريّة تاريخيّة قديمة مصنوعة من البرونز، عثر عليها في سورية، وتعود إلى أقدم من 3500 ألف سنة قبل الميلاد.[2] كما تشير بعض النصوص الصينية القديمة إلى سبيكة من النحاس الأبيض، والتي كانت تعرف باسم بايتونغ[ط 1]، وهي تعرف حالياً باسم سبيكة «النيكل النحاسي» كبرونيكل[ط 2]، وكانت مستخدمةً حينها في عهود تتراوح بين 1700 إلى 1400 سنة قبل الميلاد. صُدِّرَ هذا النحاس الأبيض إلى دول أوروبا الغربية في بدايات القرن السابع عشر، ولكن لم يعرف أنّ تلك السبيكة كانت حاويةً على النيكل إلّا في سنة 1822.[3] وُجِدَ أيضاً أنّ نقوداً معدنية كانت قد سُكَّت من سبيكة النيكل النحاسي من الملوك البُخْتريين[ط 3]: أغاثوكليس[ط 4]وإيوثيديموس الثاني[ط 5]وبنتاليون[ط 6] في القرن الثاني قبل الميلاد، والتي غالباً كانت مُستقدَمةً من الصين.[4]
عُثِرَ في ألمانيا في فترة القرون الوسطى على معدن مصفَرّ في منطقة جبال الخام[ط 7]، والذي كان يشبه خام النحاس؛ إلّا أنّ عمال المناجم لم يتمكّنوا من استخراج النحاس من ذلك الخام، ممّا دفعهم إلى الاعتقاد بوجود قدرة خارقة تحول دون الحصول على مبتغاهم، لذلك أطلقوا اسم عفريت من الأساطير الجرمانية يدعى نيكل[ط 8] على اسم ذلك الخام، ليدعى حينها باسم Kupfernickel (كُبفرنيكل، حيث تعني كلمة Kupfer النحاس في اللغة الألمانية).[5]
يُعرَف هذا الخام حالياً باسم نيكلين[ط 9] (عُرف مسبقًا باسم نيكوليت[ط 10])؛ وهو يتكوّن كيميائياً من زرنيخيد النيكل. في سنة 1751 تمكّن البارون أكسل فريدريك كرونستيد[ط 11] في أثناء تجاربه لعزل النحاس من معدن كُبفرنيكل في منجم للكوبالت في السويد من الحصول على فلزّ أبيض، ليتبيّن له فيما بعد أنّه عنصر جديد، وأعلن اكتشافه وأطلق عليه اسم «نيكل»، نسبةً إلى أسطورة العفريت التي مَنَحَت الخام ذلك الاسم.[6] لا يزال اسم كُبفرنيكل مستخدماً في اللغة الألمانية، ولكن للإشارة إلى سبيكة النيكل النحاسي (كبرونيكل).[7]
كان خام كُبفرنيكل هو الوسيلة الوحيدة للحصول على النيكل حتّى بداية القرن التاسع عشر، ولكن منذ سنة 1824 أصبح من الممكن الحصول على هذا الفلزّ ناتجاً ثانوياً من عمليات استخراج خضاب أزرق الكوبالت[ط 12]؛ أمّا الإنتاج على صعيدٍ كبيرٍ فكان قد بدأ في النرويج في سنة 1848 من خامات معدن البيروتيت[ط 13] الغنيّة بالنيكل. ساهمت إضافة النيكل في عمليّات إنتاج الفولاذ في سنة 1889 إلى ازدياد الطلب العالمي عليه، وقد ساهم اكتشاف التوضّعات الرسوبية الغنيّة بالنيكل في جزر كاليدونيا الجديدة في تأمين حاجة السوق حتّى بدايات القرن العشرين، ثمّ تلاها اكتشاف كمّيّات كبيرة من خامات النيكل في كندا وروسيا وجنوب أفريقيا، بالشكل الذي أمّن حاجة السوق من هذا الفلزّ.[3]
الوفرة الطبيعية
يتركّز وجود النيكل على كوكب الأرض بمرافقة الحديد في تركيب اللبّ الداخلي[ط 15]والخارجي[ط 16] لباطن الأرض؛[8] وتقدّر نسبة الكسر الكتلي للنيكل في لبّ الأرض بقرابة 5%.[9] يدخل النيكل أيضاً في تركيب النيازك الحديدية[ط 17] وذلك على هيئة شكلين محدّدين من أشكال السبيكة مع الحديد، وهما الكاماسيت[ط 18]والتاينيت[ط 19]. تتراوح نسبة النيكل في الكاماسيت بين 5-10%، مع احتمالية وجود شوائب من الكوبالت أو الكربون؛ في حين أنّ محتوى النيكل في التاينيت يتراوح بين 20% إلى 65%.[10] اكتُشِفَ وجود النيكل في النيازك الحديدية أوّل مرّة سنة 1799 من العالم جوزيف لويس بروست[ط 20]، والذي كان حينها يحلّل عيّنات من النيازك الحديدية المُستَجْلَبَة من موقع كامبو دل ثيلو[ط 21] الأرجنتيني؛ وَوَجد أنّ نسبة النيكل فيها تصل إلى قرابة 10%.[11]
تشير بعض التقديرات إلى أنّ النيكل يُعَدّن عالمياً بأكثر من حوالي 2.5 مليون طن سنوياً؛ ووفقاً لبيانات سنة 2020 تتصدّر إندونيسيا تلك الدول بإنتاج عالمي سنوي مقداره 760 ألف طن، ثمّ الفلبين بمقدار 320 ألف طن، ثمّ روسيا بمقدار 280 ألف طن، ثمّ كاليدونيا الجديدة بمقدار 200 ألف طن، ثمّ أستراليا بمقدار 170 ألف طن، ثمّ كندا بمقدار 150 ألف طن.[17] توجد توضّعات مهمّة لخامات النيكل في حوض سدبري[ط 39] في كندا، وفي مدينة نوريلسك[ط 40]وشبه جزيرة كولا[ط 41] في روسيا، وفي ولاية كوينزلاند[ط 42] في أستراليا، وفي مدينة موا في كوبا. إجمالاً تمتلك دولتا أسترالياوإندونيسيا أكبر احتياطيٍّ عالميٍّ من النيكل، وذلك بنسبةٍ تبلغ 43.6% من الاحتياطيّ العالميّ.[وب-إنج 5]
حتّى يكون استخراج النيكل مجدٍ اقتصادياً ينبغي أن يقع محتوى النيكل في الخامة بين 0.5-1%. تُستخرَج خامات النيكل عادةً إمّا من التوضّعات الكبريتيدية التقليدية، أو من تلك الموجودة في الطبقات اللاتيريتية؛ وهناك نزعة إلى استخراج خامات النيكل من الأخيرة على حساب الأولى؛ رغم ما يرافق ذلك من صعوبات تقنية، إذ يتطلب الاستخراج من الطبقات اللاتيريتية إجراء عملية تصويل حمضي مرتفع الضغط[ط 43].[18]
الإنتاج
يُستَخلص فلزّ النيكل من خاماته تقليدياً وفق عمليات تتضمّن تحميص الخامة[ط 44] ثمّ الاختزال[ط 45]، ممّا يمكّن من الحصول على فلزٍّ بنقاوة أكبر من 75%. في تلك العمليّات الحرارية[ط 46] التقليدية تتعرّض خامات النيكل الكبريتيدية لدرجات حرارة مرتفعة، ممّا يؤدّي إلى الحصول على خليط كبريتيدي مصهور[ط 47]، والذي يخضع إلى عمليات تنقية[ط 48] لاحقة. أدّى التطوّر في عمليّات المعالجة المائية[ط 49] إلى الحصول على ناتج من النيكل ذي نقاوة مرتفعة نسبياً، وذلك عبر تركيز الخامات الكبريتيدية بعملية تعويم زَبَديّ[ط 50]، ثمّ تخضع لاحقاً إلى عمليّات صَهْرٍ حرارية.
ُُتُجرَى عمليّات الصَهْر وفق مراحل تدريجية من أجل فصل الفلزّات المرافقة، إذ للتخلّص من الحديد يُسخّن الخليط الكبريتيدي المصهور أوّلاً من أجل تحويل كبريتيد الحديد إلى أكسيد الحديد؛ ثمّ تضاف السيليكاتوفحم الكوك لاحقاً من أجل الحصول على خَبَثٍ[ط 51] من سيليكات الحديد. أمّا النحاس فيُفصَل وفق عملية عملية شيريت غوردون[ط 52] بإضافة كبريتيد الهيدروجينوكبريتيد الصوديوم، ممّا يؤدّي إلى تشكيل كبريتيدات مضاعفة من النحاس والصوديوم سهلة الانصهار والفصل. بعد ذلك يُعرّض كبريتيد النيكل إلى الحرارة ويُحوّل إلى الأكسيد، والذي يُختَزل لاحقاً باستخدام فحم الكوك إلى فلز النيكل. يُنقّى فلزّ النيكل الناتج بعمليّات استخلاص كهربائي[ط 53] لاحقة.[19]
قد تتشكّل نواتج ثانوية من خماسي كربونيل الحديد[ط 60] أو من ثماني كربونيل ثنائي الكوبالت[ط 61]، ولكن يسهل فصلها عن الناتج الرئيسي.[21] يُمرّر رباعي كربونيل النيكل الناتج ضمن حجرة كبيرة عند درجات حرارة مرتفعة، الأمر الذي يؤدّي إلى تفكّكه وانطلاق غاز أحادي أكسيد الكربون والحصول على كُرَيّات [ط 62] من النيكل مرتفع النقاوة؛ أو يمكن بشكلٍ آخر أن تجرى عمليّة تفكك رباعي كربونيل النيكل في حجرة أصغر عند درجات حرارة تصل إلى 230 °س، ممّا يؤدّي إلى الحصول على مسحوق ناعم دقيق من النيكل مرتفع النقاوة.[22]
التحضير المخبري
يمكن الحصول مخبرياً على كمّيّات صغيرة من النيكل بطرائق عديدة؛[23] منها:
اختزال الأكسيد باستخدام الهيدروجين عند درجات حرارة تقع بين 150 °س إلى 250 °س:
يوجد إحدى وثلاثون نظيراً معروفاً للنيكل، والتي تتراوح أعدادها الكتلية بين 48 و78، منها خمسة نظائر مستقرّة وهي: نيكل-58 58Ni ونيكل-60 60Ni ونيكل-61 61Ni ونيكل-62 62Ni ونيكل-64 64Ni. أكثر هذه النظائر المستقرّة وفرةً طبيعيةً هو النظير نيكل-58، والذي يشكّل 68.077% من النيكل في الطبيعة، يليه النظير نيكل-60 بوفرة طبيعية مقدارها 26.22%.[وب-إنج 6] هنالك ستّة وعشرون نظيراً مشعّاً للنيكل، أطولها عمراً هو نيكل-59 59Ni والذي له عمر نصف 76,000 سنة، يليه النظير نيكل-63 63Ni بعمر نصف 100.1 سنة، والنظير نيكل-56 56Ni بعمر نصف 6.077 يوم؛ ولباقي نظائر النيكل المشعّة أعمار نصف أقلّ من 60 ساعة، ومعظمها دون 30 ثانية؛ مع العلم أنّه لا يوجد مصاوغ نووي[ط 65] لهذا العنصر.[24]
يوجدد نمطان للتوزيع الإلكتروني داخل ذرّة النيكل، واللذان يَصِفَان ترتيب الإلكترونات داخل المدارات الذرّية؛ الأوّل: Ar]؛ 3d8 4s2] والثاني: Ar]؛ 3d9 4s1] (يشير [Ar] إلى التوزيع الإلكتروني في ذرّة الآرغون). هناك تقاربٌ كبيرٌ في حسابات السويّة الطاقية بين هَذَين التوزيعَين، إلّا أنّ يوجد خلافٌ في تحديد أيّهما الأقلّ طاقياً.[30] تُدرِجُ المراجع الكيميائية التوزيعَ الإلكتروني الأوّل للنيكل على الشاكلة Ar]؛ 3d8 4s2]؛[31] والذي يُكتَب أيضاً بشكلٍ شائعٍ على الشكل Ar]؛ 4s2 3d8].
[32] يتّفق هذا التوزيع مع قاعدة ماديلونغ[ط 82] في مبدأ أوفباو[ط 83] لترتيب المدارات الذرّية طاقياً، والذي يتنبّأ أنّ المدار 4s يُملَأ أوّلاً قبل المدار 3d؛ وذلك مثبتٌ عليه تجريبيّاً.[وب-إنج 10]
من جهةٍ أخرى، ونظراً للبنية الدقيقة[ط 84] السائدة في تركيب الذرّات، فإنّ التوزيع الإلكتروني للمدارَين 3d و 4s ينقسم بدوره إلى عدّة مستويات طاقيّة متعدّدة؛[وب-إنج 10] ممّا يؤدّي إلى حدوث تداخل بينها نظراً للتقارب بين المستويات الطاقية لذانك المدارَين؛ بالتالي فإنّه وفق حسابات الكيمياء النظرية يكون التوزيع الإلكتروني على الشكل الثاني Ar]؛ 3d9 4s1] أخفض طاقياً من الأوّل، لذلك يُدرَج هذا التوزيع الإلكتروني للنيكل أيضاً في مراجع الأبحاث الكيميائية.[30]
النيكل مستقرٌّ كيميائيّاً عند درجة حرارة الغرفة تجاه الرطوبةوالماءوالمحاليل القلويّة؛ أمّا الأحماض الممدّدة، مثل حمض الكبريتيك الممدّد، فتتفاعل مع النيكل ببطء، في حين تستطيع الأحماض المركّزة المؤكسدة، مثل حمض النتريك المركّز، أن تتفاعل مع سطح النيكل في البداية إلى أن تتشكّل طبقةٌ مُخَمّلةٌ من الأكسيد على السطح، والتي تقي باقي كتلة الفلزّ من التفاعل اللاحق.
يمكن أن يوجد النيكل بعدّة حالات أكسدة، مثله مثل باقي الفلزّات الانتقالية، وهي تتراوح من -1 إلى +4، إذ يوجد النيكل في حالة الأكسدة 0 مثلاً في معقّداته التناسقية، مثلما هو الحال في مركّب رباعي كربونيل النيكل. وتعدّ حالة الأكسدة +2 الأكثر شيوعاً بين حالات الأكسدة المذكورة في كيمياء النيكل.
تعدّ المعقّدات الأمينية مع رُبَيطات من الأمونيا من المعقّدات التناسقية المعروفة للنيكل الثنائي، وهي توجد إمّا على هيئة معقّد رباعي أمين النيكل الثنائي2+ [Ni(NH3)4] الأزرق الفاتح؛ أو على هيئة معقّد سداسي أمين النيكل الثنائي2+ [Ni(NH3)6] الأزرق الداكن إلى البنفسجي. تُستحصَل هذه المعقّدات من إضافة كمّيّات فائضةٍ من الأمونيا إلى ملح للنيكل الثنائي:[منشور-ألم 2]
أمّا المعقّدات السيانيدية فتُستحصَل عند إضافة سيانيد البوتاسيوم إلى محلولٍ ملحيٍّ للنيكل الثنائي، حيث يَنتجُ أوّلاً مركّب سيانيد النيكل الثنائي Ni(CN)2، والذي ينحلّ عند إضافة كمّيّاتٍ فائضةٍ من سيانيد البوتاسيوم بسبب تشكّل معقّد رباعي سيانو نيكلات البوتاسيوم[ط 108] الأصفر:[منشور-ألم 2]
أشهر مركّبان للنيكل الثلاثي هما الأكسيد Ni2O3وأكسيد الهيدروكسيد NiO(OH)، واللذان يجدان لهما تطبيقات في بطّاريات النيكل المختلفة. يُعثَر أيضاً على النيكل في حالة الأكسدة الثلاثية في بعض من المركّبات الكيميائية، منها مركّبات ثلاثي هالو فوسفينات النيكل الثلاثي[ط 114] Ni(PPh3)X3.
[منشور-ألم 3] إلّا أنّ مركّبات النيكل الثلاثي غير مستقرّة على العموم، وتحتاج إلى تثبيت عبر الارتباط مع رُبَيطات مانحة للرابطة سيغما [ط 115] مثل الثيولات أو الفوسفينات العضوية[ط 116].[40]
حالات أكسدة أخرى
تعدّ حالات الأكسدة الأخرى المتبقيّة للنيكل نادرةً وغير شائعة، وتوجد في أشكال معيّنة محدّدة، فالنيكل في حالة الأكسدة 0 (الصفري) يلاحظ في المعقّد رباعي كربونيل النيكل Ni(CO)4، وهو مركّب نيكل عضوي يوجد على هيئة سائل متطاير، والذي يتفكّك إلى النيكل عند تسخينه؛ وتُستغَلّ هذه الخاصّية في الحصول على شكل نقيٍّ من النيكل في عملية موند.[41] من المعقّدات الأخرى للنيكل في حالة الأكسدة الصفرية معقّد مضاعف (حلقي أوكتاديين) النيكل الصفري[ط 117] والمستخدم في مجال الاصطناع العضوي وكيمياء النيكل العضوية.[42] أمّا النيكل الأحادي فهو أيضاً غير شائع، وتوجد حالة الأكسدة هذه غالباً في المعقّدات التناسقية الحاوية على رابطة Ni-Ni، مثل معقّد K4[Ni2(CN)6] المُستحصَل من اختزال معقّد K2[Ni2(CN)6] باستخدام ملغمة صوديوم.[40] لا يعرف للنيكل الرباعي أيضاً إلّا عددٌ قليلٌ من المركّبات الكيميائية،[43][44] منها معقّدات تناسقية مع ربيطة الديكربوليد[ط 118] الضخمة (2-[C2B9H11]).[45][46]
التحليل الكيميائي
يمكن الكشف عن النيكل نوعياً وفق الوسائل التقليدية للكيمياء التحليلية عن طريق إجراء تفاعل تشكّل معقّد للنيكل الثنائي مع مركّب ثنائي ميثيل غليوكسيم. قبل إجراء تفاعل الكشف فإنّه عادةً ما تُرَسّب أملاح النيكل الثنائي من الوسط المائي عبر إضافة كبريتيد الأمونيوم، الأمر الذي يؤدّي إلى الحصول على راسبٍ أسودٍ من كبريتيد النيكل الثنائي، والذي يُرشَح ويُفصَل ثمّ يذاب في حمض النتريك للحصول على أيونات النيكل الثنائي المائية خضراء اللون. يجرى تفاعل الكشف النوعي مع ثنائي ميثيل غليوكسيم في وسطٍ قلويٍّ بإضافة هيدروكسيد الأمونيوم، ممّا يؤدّي إلى الحصول على راسب أحمر توتي من معقّد مضاعف (ثنائي ميثيل غليوكسيماتو) النيكل الثنائي.[منشور-ألم 4]
لا يوجد دليلٌ قاطعٌ على أنّ النيكل من العناصر المغذّية الأساسية بالنسبة للإنسان، ولكن قد يكون النيكل ضرورياً بالنسبة للبكتريا الموجودة في الأمعاء الغليظة، وذلك بقيامه بدور مغذٍّ للمُعينَات الحيوية[ط 132].[56] لم تؤكّد الأكاديمية الوطنية للطبّ[ط 133] في الولايات المتّحدة الأمريكية أنّ النيكل من العناصر المغذّية الأساسية بالنسبة للإنسان، لذلك لم تضع لهذا العنصر قِيَماً للمدخول الكافي[ط 134] أو الكمّيّة المُوصى بتناولها[ط 135]؛ في حين أنّها وضعت الحدّ الأقصى للمدخول المقبول[ط 136] بمقدار 1000 ميكروغرام/اليوم على هيئة أملاح نيكل منحلّة؛ إذ أنّ ما يُمتصّ من النيكل يُطرَح في البول.[57] تعدّ أواني الطهو من المصادر التي قد يدخل فيها النيكل إلى الغذاء، وذلك من خلال عملية الرشح في أثناء الطهو؛ فقد وُجِدَ مثلاً أنّه بعد 10 عمليات طهو لصلصة الطماطم بذات الآنية المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ الحاوي على النيكل فقد رَشَحَ إليها مقدار 88 ميكروغرام من النيكل.[58]
شاع استخدام النيكل في سكّ النقود المعدنية منذ أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر؛ فعلى سبيل المثال سَكّتِ الإمبراطورية البريطانية سنة 1786 في مدينة برمنغهامنقوداً معدنيّة من النيكل من أجل إدارة التعاملات المالية في ماليزيا.[وب-ألم 2] أمّا في الولايات المتّحدة فتُستخدَم تسمية « نيكل » [ط 137] عبر تاريخها للإشارة إلى عددٍ من فئاتِ النقود المعدنية الحاوية على النيكل في تركيبها، مثل « سنت العقاب الطائر » [ط 138] المتدوال بين سنتي 1857–1858، و« سنت الرأس الهندي » [ط 139] المتداول بين سنتي 1859–1909، بالإضافة إلى « نيكل ثلاثة سنتات » [ط 140] المتداول بين سنتي 1865–1889. أمّا حالياً فتُستخدَم التسمية للإشارة إلى فئة خمسة سنتات التي لا تزال متداولةً حالياً، وهي تحوي على 25% من تركيبها من فلز النيكل و75% المتبقيّة من النحاس، وذلك يعادل وزناً مقدار 1.1 غرام بالنسبة للنيكل، ومقدار 3.75 غرام من النحاس. مع ارتفاع أسعار الفلزّات عالمياً منذ بداية القرن الحادي والعشرين فقد فاق الثمن الحقيقي لهذه القطعة النقدية مقدار قيمتها النقدية؛ ممّا جعلها هدفاً مغرياً للبعض، الذين بدأوا بصهرها والاتّجار بفلزَّي النيكل والنحاس لكسب مرابح مالية؛ الأمر الذي دفع دار السكّ الأمريكية[ط 141] إلى تجريم صهر وتصدير فئات النقود الأمريكية؛[وب-إنج 11] وفرضت غراماتٍ مالية قد تصل إلى 10 آلاف دولار أمريكي، وبالسجن لمدّة قد تصل إلى خمس سنوات.[وب-إنج 12] تجدر الإشارة إلى أنه في أثناء الحرب العالمية الثانية جرى سكّ هذه الفئة النقدية من غير إدخال النيكل في تركيبها، من أجل استخدام هذا الفلزّ في تطبيقات عسكرية.[5]
ازداد سعر النيكل في السوق العالمية بكل مطّردٍ منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، ففي شهر أبريل من سنة 2007 كان سعر هذا الفلز 52,300 دولار أمريكي/الطن.[وب-إنج 15] انخفض سعر الطن بعد ذلك بشكلٍ كبير، ووصل في سنة 2017 إلى سعر 11,000 دولار أمريكي/الطن.[وب-إنج 16] في أثناء الغزو الروسي لأوكرانيا في سنة 2022 زادت المخاوف بأنّ العقوبات على روسيا قد تؤدّي إلى ارتفاعٍ حادٍّ قصير الأجل[ط 142] في سعر النيكل في السوق العالمية، ممّا أدّى بالفعل إلى تضاعف سعر النيكل بأربع مرّات في مجرد يومَين، ليصل إلى 100,000 دولار أمريكي/الطن في شهر مارس من سنة 2022.[وب-إنج 17][وب-إنج 18] وفي تلك الفترة أيضاً ألغت بورصة لندن للمعادن[ط 143] عقوداً بقيمة 3.9 بليون دولار أمريكي، وعلّقت التداول التجاري بالنيكل لمدّة أكثر من أسبوع.[وب-إنج 19]
توجد أشكال عديدة للتعرّض لعنصر النيكل؛ ونظراً لكون هذا العنصر جوهرياً في غذاء النباتات، لذلك يمثّل الاستهلاك الفموي عبر تناول الغذاء مصدر تعرّضٍ طبيعيٍّ أساسيٍّ للنيكل.[67] بالرغم من ذلك، فإنّ النيكل يوجد عادةً بتراكيز منخفضة في الطبيعة؛ وما يتناوله الإنسان فإنّه يطرح يومياً مع البول أو البراز من غير امتصاص.[59] تصنّف مركّبات النيكل ضمن المسرطنات[ط 174]؛[68] وخاصّةً عند استنشاق أبخرتها،[69][70] وذلك وفق بيانات لدراسات تقييمية للحالة الصحّية للعمال الذين يتعرّضون لأبخرة مركّبات النيكل في أثناء عمليات التعدين؛[71] بالإضافة إلى دراسات داعمة لتجارب أجريت على الجرذان والفئران.[72][73] يمثّل مركّب رباعي كربونيل النيكل خاصّةً واحداً من مركّبات النيكل الخطرة، فخطورته تنبع من كونه غازاً سامّاً، وذلك من فلز النيكل بحدّ ذاته، ومن خطر انطلاق غاز أحادي أكسيد الكربون السام.[74]
^"Nickel & compounds: Overview". Department of Sustainability, Environment, Water, Population and Communities in Australia (بالإنجليزية). Archived from the original on 2011-12-08. Retrieved 2023-08-09.
Wolfgang Glöckner (1962), Die Komplexverbindungen (بالألمانية), Köln: Aulis Verlag, OCLC:841171024, QID:Q121363324
Hans Lüschen (1979). Die Namen der Steine: das Mineralreich im Spiegel der Sprache - mit einem Wörterbuch, enthaltend über 1300 Namen von Mineralien, Gesteinen, Edelsteinen, Fabel- und Zaubersteinen (بالألمانية) (2nd ed.). Thun: Q114675722. ISBN:978-3-7225-6265-0. OCLC:6356236. OL:4189181M. QID:Q121359108.
John R. Rumble; David R. Lide, Jr.; Thomas J. Bruno, eds. (2018). CRC handbook of chemistry and physics: ready-reference book of chemical and physical data (بالإنجليزية) (99th ed.). Boca Raton: CRC Press. ISBN:978-1-138-56163-2. OCLC:1043763515. OL:27842487M. QID:Q121365869.
National Toxicology Program (1996). "NTP Toxicology and Carcinogenesis Studies of Nickel Oxide (CAS No. 1313-99-1) in F344 Rats and B6C3F1 Mice (Inhalation Studies)". National Toxicology Program technical report series (بالإنجليزية). 451: 1–381. ISSN:0888-8051. OCLC:6922400012. PMID:12594524. QID:Q53452786.