عُرِف عنه فصاحة لسانه، وجوابه الشديد والمُسكت؛ قال فيه الجاحظ: «كان عقيل بن أبي طالب ناسبًا عالمًا بالأمهات بين اللسان شديد الجواب لا يقوم له أحد».[4] تُوفي في أوائل أيام يزيد وقيل أواخر أيام معاوية بن أبي سفيان (60 هـ - 679م).
وكان أسن بني أبي طالب بعد طالب الذي مات لا ذرية له وكان أسن من عقيل بعشر سنين، وكان عقيل أسن من جعفر بعشر سنينٍ وكان جعفر أسن من علي بعشر سنين.[6][7]
أمه: «فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية القرشية»، وهي أُمّه وأُم أشقائه طالب وعقيل وعلي، وقد أسلمت وهاجرت إلى المدينة المنورة، وتوفيت فيها، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، وهيّ أيضاً أول هاشمية ولدت خليفة.[8][9]
نشأ عقيل في كنف والده أبي طالب بن عبد المطلب طوال حياته على عكس أخويه عليوجعفر، فقد مرت بمكة وما حولها أزمة شديدة أثرت على الأحوال الاقتصادية، فذهب محمد وعمه العباس بن عبد المطلب إلى أبي طالب وعرضا عليه أن يأخذ كل واحد منهما ولدًا من أبنائه لتخفيف العبء الذي عليه، فقال أبو طالب: «إِذَا تَركتُما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما»، فأخذ محمد عليا، وأخذ العباس جعفرا، وبقي عقيل لدى والده.[هامش 1][10]
علمه بالنسب
كان أعلم قريش بنسبها وأيامها ومآثرها وكان الناس يجتمعون إليه في علم النسب وأيام العرب، يقول ابْن عَبَّاسٍ: «كَانَ فِي قريش أربعة يتحاكم إليهم، ويوقف عِنْدَ قولهم، يَعْنِي: فِي علم النسب: عقيل بن أبي طالب ومخرمة بن نوفل الزُّهْرِيّ وَأَبُو جهم بْن حذيفة العدوي وحويطب بْن عبد العزى العامري»، ولكنه كان كثيرًا ما يذكر مثالبها،[11] ويعد مساويها، لذلك قوبل بالعداوة وقالوا فيه الباطل، ونسبوه إلى الحمق، واختلقوا عليه أحاديث مزورة وموضوعة.[12]
غزوة بدر
أُخرج عقيل كبقية بني هاشم كرهاً مع قريش إلى معركة بدر فشهدها، وقد كان الرسول محمد قد أمر صحابته ألا يقتلوا من يلقوا من بني هاشم لأنهم أخرجوا مُكرهين، وعن ابن عباس:
أنَّ النبيﷺ قال لأصحابه يومئذٍ: إني قد عرفتُ أن رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أُخرِجوا كرهًا، لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي منكم أحدًا من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث ابن أسد فلا يقتله، ومن لقي العباس بن عبد المطلب، عم رسول الله ﷺ فلا يقتله، فإنّه إنما أُخرِج مُستكرهًا.
ولم يكُن لعقيل مال ففداه عمه العباس، فرجع والعباس ونوفل إلى مكة للاهتمام بالسقاية والرئاسة التي كانت في بني هاشم في الجاهلية وذلك بعد وفاة أبي جهل في بدر.[14][هامش 2][15]
آية نزلت في شأن أسرى بدر
نزلت الآية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٧٠﴾[16] في بعض أسرىغزوة بدر وهم: عقيل وعمه العباس وابن عمه نوفل بن الحارث.[17]
حياته بعد الإسلام
إسلامه وهجرته
كان عقيل آخر إخوته إسلامًا، واختلف في تاريخ إسلامه، فرجّح السيّد طاهر الخطيب بأن عقيل أسلم قديمًا ولم يهاجر، وأُخرج إلى بدر كارهًا وأُسر وفدى نفسه، وأنّه أسلم منذ بداية الدعوة الإسلامية وكان يكتم إسلامه.[2] وقال بعضهم: إنّه أسلم قبل بدر وكان يكتم إسلامه.[18] وذكر آخرون بأنه أسلم عام الحديبية سنة 6 هـ.[2][19] ويقال بل: أسلم قبل الحديبية،[20] وقيل أسلم بعد الحديبية.[21]
وذكر مصادر أخرى بأنه خرج مهاجرًا في أول سنة ثمان، وكان يبلغ من العمر عندما أسلم اثنين وخمسين سنة، وأنه شهد غزوة مؤتة، ومرض بعدها فلم يسمع له بعدها بذكر في فتح مكة والطائف وحنين.[22][23] وقيل بأنه تأخر إسلامه حتى فتح مكة.[24]
جهاده
ذكر ابن سعد بأن عقيل شهد غزوة مؤتة، ومرض بعدها فلم يسمع له بعدها بذكر في فتح مكة والطائف وحنين.[22][23] وعن عبد الله بن محمّد بن عقيل قال: «أصاب عقيل بن أبي طالب خاتمًا يومَ مُؤتَةَ فيه تماثيل فأتى به رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فنفّله إيـّاه فكان في يده».[22]
وقيل: إِنه ممن ثبت يوم حُنَين مع النبي محمد.[25] وروى الحسين بن علي: «كان ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين العباس وعلي وأبو سفيان بن الحارث وعقيل بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب والزبير بن العوام وأسامة بن زيد».[26]
وعن الحسين أيضًا قال: «كان ممن ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين العباس وعلي وأبو سفيان بن الحارث وعقيل بن أبي طالب وعبد الله ابن الزبير بن عبد المطلب والزبير بن العوام وأسامة بن زيد».[26][27]
مما ورد على فضله ومكانته حديث: «عن أبي إسحاق أن النبيﷺ قال لعقيل بن أبي طالب: يَا أَبَا يَزِيدَ،إِنِّي أُحِبُّكَ حُبَّيْنِ حُبًّا لِقَرَابَتِكَ، وَحُبَّا لِمَا كُنْتُ أَعْلَمُ مِنْ حُبِّ عَمِّي إِيَّاكَ.» [1]، وأن عقيلا وآل عقيل من أهل بيت محمد الذين حرمت عليهم الصدقة،[30] ولهم حق في الخمس.[هامش 3][31]
شخصيته
كان مشهورًا بأنه عالم بالأنساب، ومن أنسب قريش وأعلمهم بأيامها، وكانت له طنفسه (سجادة) تطرح له في المسجد النبوي، ثم يجتمع إليه الناس في علم النسب وأيام العرب، وكان سريع الجواب، فصيح اللسان، قال فيه الجاحظ: «كان عقيل بن أبي طالب ناسبًا عالمًا بالأمهات بَيِّنُ اللسان شديد الجواب لا يقوم له أحد».[4]
أخبرنا علي بن عيسى، عن إسحاق بن الفضل، عن أشياخِهِ: وقال عقيل بن أبي طالبٍللنبيﷺ: مَن قتلتَ مِن أشرافهم ؟ قال: " قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ"، قال: الآنَ صَفَا لَكَ الوَادِي"[32]
عن جابر بن عبد الله قال: بارز عقيل بن أبي طالبٍ رَجُلًا يوم مؤتة، فقَتَلهُ فَنَفَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَاتَمَهُ وَسَلْبَهُ.[33]
حدثني عقيل بن أبي طالبٍ، قال: جاءت قريش إلى أبي طالب، فقالوا: إنَّ ابن أخيك يؤذينا في نادينا وفي مسجدنا، فانههُ عن أذانا، فقال: يا عقيل، ائتني بمُحَمَّدٍ، فذهبتُ فأتيتهُ به، فقال: يابن أخي، إنَّ بني عمك يزعمونَ أنك تؤذيهم في ناديهم وفي مسجدهم، فانتهِ عن ذلك، قال: فلحظ رَسُولُ اللَّهِﷺ ببصره، وقال ابْنُ حَمْدَانَ: فحلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بصرهُ إلى السماء، فقال: "أترون هذه الشمس ؟ " قالوا: نعم. قال: " ما أنا بأقدر على أن أدع لكُم ذلك على أَنْ تستشعلُوا لي منها شُعلةً"، قال: فقال أبو طالب: ما كذبَ ابن أخي، فارجعُوا.[34]
وقال ابن حجر العسقلاني: «قال ابن سعد: قالوا: مات في خلافة معاوية. قلت: وفي تاريخ البخاري الأصغر بسنَدٍ صحيح أنه مات في أَوَّل خلافة يزيد قبل الحَرَّة.».[21]
قال زيد بن أسلم: أن عُقيل بن أبي طالب دخل على امرأته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة وسيفه مُتلطخ بالدماء، فقالت: إنّي قد عرفتُ أنك قد قاتلت، فما أصبت من غنائم المشركين، فقال: دونكِ هذه الإبرة، فخيطي بها ثيابك، ودفعها إليها، فسَمَع مُنادي النبي ﷺ يقول: من أصاب شيئاً فليؤده، وإن كانت إبرة، فرجع عقيل إلى امرأته فقال: ما أرى إبرتك إلا قد ذهبت منك، فأخذ عقيل الإبرة فألقاها في الغنائم.[53]
قال الحسن البصري: أن عقيل بن أبي طالب تزوج امرأة من بني جشم فدخل عليه القوم فقالوا: بالرفاء والبنين، فقال: لا تقولوا ذاكم، قالوا: فما نقول يا أبا يزيد، قال: قولوا بارك الله لكم وبارك عليكم إنا كذلك كنا نؤمر.[54]
قال عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب: تزوج عقيل بن أبي طالب فخرج علينا فقلنا بالرفاء والبنين فقال: مَهْ لا تقولوا ذلك فإن النبي ﷺ قد نهانا عن ذلك وقال: قولوا بارك الله لك وبارك عليك وبارك لك فيها.»[55]
معين: أمه أم ولد، يقال بأنه استشهد في كربلاء.[68][69]
الحكم: أمه أم ولد،[70] ذكر الربعي في كتابه تاريخ مولد العلماء ووفياتهم أنه قتل في كربلاء،[71] وقال محمد صادق الكرباسي: «ونقل الربعي في كتابه تاريخ مولد العلماء ووفياتهم عند ذكر ابنه عبد الله بأن الأب استشهد في كربلاء. أمه أم ولد، لم يذكروا اسمها، ومقتضى أن ابنه عبد الله قتل في كربلاء لا بد وأن يكون له من العمر أكثر من عشرين سنة على أقل التقادير.».[70]
عقيل: أمه أم ولد،[72][73] ذكره الزرندي وذكر إنه قتل في كربلاء وقال: «ومن ولد عقيل خمسة: مسلم، وعقيل، وجعفر، وعبد الله بن مسلم بن عقيل، وأخوه محمد بن مسلم. وذكر المدايني أنه قتل مع الحسين عبد الرحمن بن عقيل، وعون بن عقيل....».[74] وقال علي النمازي الشاهرودي: «وابنه عقيل بن عقيل عد أيضا من الشهداء».[75]