موسى الهادي
أميرُ المُؤمِنين وخَليفةُ المُسْلِمين أبُو مُحَمَّد مُوسَى الهَاديّ بن مُحَمَّد المِهْديّ بن عَبدِ الله المَنْصُور بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن عَبدِ الله بن العَبَّاس الهاشِميُّ القُرَشيُّ (144 - 170 هـ / 761 - 786 م)، رابع خُلفاء بني العبَّاس، تولى حكم الدولة العربية الإسلامية وهو في الخامسة والعشرين من عمرِه، ولم يولى الخلافة من هو أصغر منه.[1] وهو الخليفة الثالث والعشرين من خلفاء العرب المُسلمين، ويلتقي مع النبي محمد بن عبد الله في جده عبد المطلب، وأمه الخيزران بنت عطاء الجرشية اليمنية.[2] ولد الهادي بالري سنة 144 هـ، ونشأ الهادي في محيط مترف، فظهر أثر ذلك في تصرفاته، وفيه قال الديار بكري: «كان يتناول المسكر، ويحب اللهو والطرب، وكان ذا ظلم وجبروت».[3] وقال الجاحظ: «كان الهادي شكس الأخلاق، صعب المرام، قليل الإغضاء، سيئ الظن».[4] وفي أخلاقه، قال ابن الطقطقي: «كان الهادي متيقّظا غيورا، كريما شهما أيّدا، شديد البطش جريء القلب مجتمع الحسّ، ذا إقدام وعزم وحزم».[5] وكان الهادي كثير الميل للأدب والتاريخ، فحصل فيها ثقافة واسعة، قال الذهبي فيه: «وكان شجاعا، فصيحا، لسانا، أديبا، مهيبا، عظيم السطوة».[6] وقرب الأدباء والعلماء إلى مجالسه، وكان مولعا بالغناء فقرب المغني الشهير إبراهيم الموصلي وأمثاله.[7] ولاه أبيه الخليفة أبو عبد الله محمد المهدي العهد وهو في سن السادسة عشرة، كما ولاه قيادة الجيوش في المشرق. وقد فكر المهدي بتقديم ابنه هارون عليه بفعل إيثاره إياه، ومشاركة الخيزران له في محبته، لولا أن المنية عاجلته. ولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة 169 هـ. واتبع وصية أبيه أن يقوم بقتل الزنادقة فتتبعهم وقتل منهم خلقًا كثيرًا. وقامت في عصره العديد من الثورات والصراعات الحربية الداخلية والخارجية، كان من بينها ثورة الحسين بن علي بن الحسن الذي أعلن نفسه خليفة في المدينة، ولقد تم قمع هذه الثورة والقضاء على الحسين ورجاله في موقعة فخ، إلا أن ابن عم الحسين بن علي نجا من القتل وهرب إلى المغرب، وأسس هناك نواة الدولة الأدارسة. يرى بعض المؤرخين أن الهادي اغتيل من قبل الخيزران بنت عطاء أم هارون الرشيد التي دست له السم،[8] فلم يجدي السم في قتل الخليفة الشاب، إلا أنه أقعده طريح الفراش.[9] ولم تتوقف عند ذلك، فأمرت جواريها أن يخنقنه، فقتل.[10] بينما يرى آخرين أن الهادي أصابته قرحة هضمية، فمات منها ولا دخل للسم بذلك.[11] ويشير المؤرخين إلى أن رغبة الهادي في خلع أخيه هارون الرشيد من ولاية العهد، وجعلها لابنه جعفر كانت سبب الاغتيال،[12] وفي ذلك قال السيوطي: «سمته أمه الخيزران لما عزم على قتل الرشيد ليعهد إلى ولده».[13] وقال ابن خلدون:«لما جدّ في خلع الرشيد خافت عليه منه، فلما ثقل مرضه وصت بعض الجواري فجلست على وجهه فمات».[14] وتوفي الهادي ربيع أول سنة 170 هـ، ودفن في بستانه بعيسى آباذ.[15] مصادر
|